همسات الخميس
ما قرأت وما سمعت من قول لعالم من علماء المسلمين يجيز لقاتل السفير الروسي في تركيا ما فعل، أو يبرر أو يلتمس له عذرا، ذلك أن الإسلام يقرر من بين كليّاته حفظ النفس، تلك النفس التي حرّم الله قتلها إلا بالحق ضمن شروط ومعايير سبق بها الإسلام كل تنظيمات العصر التي سنّها الانسان حفظا لحقوق الانسان.
وأنا ويعلم الله قد أزعجني قتل انسان بصرف النظر عن استحقاقات القاتل والقتيل فما أنا بالبليد ميت الاحساس، ولكن أزعجتني أيضا تلك المناسبة العمياء التي ما رأيت لها وجاهة في توقيتها أبدا، روسيا في عيون الأتراك، لم أفهم معنى اقدام روسيا على إقامة ذلك المعرض ولم أفهم معنى قيام تركيا بتنظيمه، ولم أفهم قيام السفير الروسي بافتتاحه والأفق دماء وأشلاء وبارود روسي.
من حق روسيا أن تفتش عن نفسها في أي عيون ترغب، ومن حق تركيا أن تبحث في عيون شعبها عن مكانة أي دولة تريد، ومن حق السفير الروسي أن يحضر ويرعى ويدشن، لكن لم يكن من الحكمة في نظري أن يكون هذا المعرض في ذلك الوقت على ما قدمت يد الروس في سوريا، ودماء السوريين لم تجف وأشلاؤهم لم تجمع بعد.
قد يكون القاتل متهورا تدفعه عواطفه، وقد يكون مأجورا للنيل من تركيا قبل غيرها، ربما نلتمس له عذرا، وربما نصفه بالإرهاب، كل ذلك ممكن حدوثه، لكن لا شيء يمنعني من الاعتراف بأن منظر قتل السفير كان مزعجا، بل وتألمت في اللحظة نفسها التي سقط فيها إنسان كان يفيض بالحياة، لكني ما حزنت وما بكيت، فقد استنفذت أشلاء السوريين كل ما في فؤادي من الحزن، واستنفد أطفالها كل ما في عينيّ من الدمع.
محمد ربيع الغامدي