علي صالح طمبل
إذا تقدّم شاب ذو خلق ودين – لكنه فقير – لخطبة فتاة، جاءت الأعذار تختلف من أسرة إلى أخرى – إلا من رحم الله تعالى – لكنها تصبُّ جميعاً في معنى واحد هو الرفض:
– البنت عايزة تكمِّل تعليمها!
– البت عايزة تحضِّر.
– البنت متكلِّمين فيها (ود عمها أو ود خالتها).
– البنت لسه صغيرة.
وإذا تقدّم لذات الفتاة شاب غني، ولم يكن متديّناً ولا على خلق، سارعوا بالقبول، وإذا لامهم البعض لسوء سيرته وأخلاقه قالوا:
– سيهديه الله!
ولا أدري لماذا قالوا في حقّ الثاني الغنيّ (سيهديه الله)، ولم يقولوا في حق الأوّل الفقير (سيغنيه الله)، مع أن الغِنَى في حق الأول أولى وآكد من الهداية في حق الثاني؛ بدليل قوله تعالى: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [النور: 32].
وأخبرني أحد الفضلاء بأن مطرباً مشهوراً تقدَّم لخطبة قريبته، فما كان من الفتاة وأهلها إلا أن وافقوا على الفور مبهورين بشهرته وثروته، ولكن ما هي سوى أيام قلائل بعد الزواج حتى ظهر وجه آخر لذلك المطرب؛ إذ فُوجئت الزوجة بسوء خُلقه وعدم تحمُّله للمسؤولية كزوج وأب، وعندما كثُرت المشاكل بين الطرفين، لم يكن هنالك بدٌّ من المواجهة أمام المحاكم، حين طالبت الأسرة بطلاق ابنتهم من المطرب الشهير!
وهكذا، كلُّ من قدَّم مالاً أو جمالاً أو جاهاً أو سلطاناً على الدين والخُلق في اختيار الزوج أو الزوجة؛ فسيكون ما قدَّمه سبباً في شقائه وتعاسته، وكم شهدنا وسمعنا من التجارب الفاشلة لبيوت قامت على غير الدين والخلق فهُدمت وقُوِّضت دعائمها، ودوننا حالات الطلاق التي بلغت في السودان 30% (أي حالة طلاق واحدة بين كلِّ ثلاث زيجات) حسبما نشرت صحيفة (السودانية) الإلكترونية، وكل ذلك نتيجة لمخالفة أمر النبي عليه الصلاة والسلام الذي قال: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
علي صالح طمبل