حيدر الوطن في الطائف

همسات الخميس

في طريقنا لحضور أمسية الشاعر حيدر عبد الله كانت شوارع الطائف كلها تشير إلى الأمسية، الإعلانات في كل زاوية وعند كل إشارة، وصور الشاعر الشاب الأنيق في كل مكان، وأمام واحدة من تلك الإعلانات رأيت شابين صغيرين يقوم أحدهما بالتقاط صورة لإعلان تظهر عليه صورة لحيدر عبد الله، وفي صالات النادي رأيت جمهورا ما رأيته من قبل.

في الأمسية حضر الشعر المكلل بالجمال، وحضر الإلقاء الشاعري الحميم، وحضرت نغمات الة القانون الشجية، وحضر الفيلم السينمائي، وحضرت الإدارة المفعمة بالحياة، وحضرت الحركة على خشبة المسرح، وحضر الإخراج الأنيق المدروس الذي انتقل بنا من مقاعد النظارة إلى قلب الأمسية، ولحضور أولئك حضر الابداع والامتاع.

الشاعر حيدر عبد الله الذي اعتلى منصة التتويج مرتين، مرة في مسابقة سوق عكاظ بالطائف ومرة في مسابقة أمير الشعر في ” أبو ظبي ” ثم اعتلى بعدئذ قلوب الناس وهو يترجم نقاء الساحل الشرقي شعرا بين يدي خادم الحرمين الشريفين، أما عازف القانون فهو الأستاذ مدني عبادي الذي تماهى وآلته الشجية حتى أثرى بشدْوِها وشجْوِها معظم الحفلات الفنية السعودية لفنانين كبار ولعدة عقود مضت.

أما مقدم الأمسية فهو أديب الصحفيين وصحفي الأدباء، الشاعر الإعلامي الدكتور علي الرُّباعي الذي تنقل في مناسبات ثقافية عديدة في شمال البلاد وجنوبها محاضرا أو مديرا لندواتها وأمسياتها، يصل ويستذكر ويستدرك ويستشرف ويستعلم ويحاور ويبتسم بلطف، تلك الابتسامة الحييّية التي عرفناها جزءا من خلقته، كأنما خلقت معه في لحظات خلقه الأول.

ثلاثة أعطاهم النادي الأدبي بالطائف مفاتيح العطاء فأعطونا ليلة ليست مثل كل الليالي، أعطونا أمسية خرجت من حديقة الشعر إلى فضاءات الثقافة الشاملة، فلما كان لها ذلك أعطتنا روحا جديدة، وبذرت في أرضنا الخصبة بذورا ستثمر بمشيئة الله جيلا من الشعر والالقاء والإدارة والإخراج المدروس، يأخذ أفئدتنا إلى حنايا وطن كريم ويأخذ بالوطن إلى مهج لا يسكنها غير بلادنا السعودية.

محمد بن ربيع الغامدي