يَضُج الزمان بمناسبة في فضاء عالمنا للغة العربية تجعلنا نتأملها لغة التراث منذ الجاهلية ، إلى أن نزلَ الوحي بإقْرأ،حملت متن الدين :كتابه وسنته علومه ومعارفه. وأمتد بها الزمان وحملت طيلة العصورالعلوم والمعارف وتوسعت بإضافات اللغات الأخرى.
ونقف هنا طويلاًعند” نظرية تستوحي أهمية اللغة العربية تقول : إن أقْدم الكتابات العربية قد تم اكتشافها في الجنوب الشرقي لشبه الجزيرةِ تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد ، كتبت بالخط المسندي له علاقة باللغة الكاذميته التي اشتقت منها العربية تم العثور على نقوشها في القرن العاشرقبل الميلاد”( بتصرف اللغة العربيةأصلها وأثرها على الحضارات ،هيثم غالب الناهي المديرالعام للمنظمة العربية للترجمة،الجزيرة ، المعرفة 1437/3/7)
إنها اليوم بعد قرون طويلة هوية للأمة، وصلة لها بقوميتها ، ومسرح تفكيرابنائها ، ومجال بثّ وجدانهم .
وفي قوتها وتمكينها تمتزج بخطوط الحياة ونسيج أداءتها . لغةُالتراسل بين العقول والمشاعروالإفهام والإتصال ؛ تستوفي الدلالات في مفراداتهاوجملها ونحوها وصرفها . وتستوفي التصريف والإشتقاق والنحو والصرف .
من جميل ماقيل عن العربية:
“إن اللغة مظهر من مظاهر التاريخ ،والتاريخ صفة الأمة. كيفما قلّبت أمر اللغة-.. وجدتها الصفةالثابته التي لاتُزال إلابزوال الجنسية وانسلاخ الأمة عن تاريخها” (راجع اللغة العربية ومكانتها بين اللغات ، أ.د.فرحان سليم )
فهي بألفاظها وأصواتها وتشكيلها ، نحوها وصرفهافريدة وثرية
فمن حيث الصوت :
فاللغة مدرج صوتي واسع تتنوع فيه مخارج الحروف ، ويكون توزيعها متعادلا.ً من الشفتين إلى أقصى الحلق وتنقسم إلى أصوات الإطباق ، وأصوات الحنجرة… وغيرها
ومن حيث المفردات :
وهي كلمات اللغة ، ويصنف المعجم العربي بأنه من أكبر المعاجم اللغوية فيحتوى. على أكثر من مليون كلمة ، مفرداتها الأصلية جذور بثلاث كلمات.
والتشكيل للغة :
وهو الطريقة التي تُِنطق بهاكلمات اللغة بمايُسمى التشكيل الخاضع للدلالة ونمط المعاني ،وعليه يترتب بناء الجملة ففي قوله تعالى ” إنما يَخْشى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) فاطر/28 . ترتيب دلالة ومعنى يظهره تشكيل المفردات لاترتيبها
وبلاغة العربية الإيجاز في الكتابة بمعنى ” اللفظ القليل يحمل معانٍ كثيرة ” وكذلك إيجاز الكتابة يأتي في التضعيف الذي يدمج الحروف . في مثل يدّ ومدًوهدً وفي أفعل الأمر التي تدعو إلى عمل في أقصرعبارة أداء من قولنا : ُقلْ وسَلْ وخُذْ ،ممايدلُ على جمالها وروعتها .
ومن أكبر الأمثلة على الإيجاز لحروف اللغة المكتوبة سورة الفاتحة حروفها 31 كلمة، استغرقت ترجمتها إلى الإنجليزية 70 كلمة، (اللغة العربية ومكانتها أ.د.سامي السليم )
ومثال آخرعلى ايجازالعربية اللفظي قوله تعالى ” فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) ” جملة في لفظ فعل وفاعل ومفعول في قوله عز وجل (فَسَيَكْفيكَهُمُ ).
وفي الإيجاز المعنوي قوله تعالى “إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ “يس/ 82 مساحة فعل وعمل وعطاء كبيرة بين كلمتي (كُنْ فَيَكًُونَ )..
وللغة العربية بأهميتها في الشعر العربي:
إن كانت قد طارت قصيدة اللغة العربية للشاعر حافظ إبراهيم
وسعتُ كتابَ اللهِِِ لفظةً وغايةً
وماضقتُ عن آيٌٌِ بهِ وعظاتِ وأما قول الشاعرأحمد شوقي لم يظهر كثيرا وهو كفيل بتعظيمًٌِ كبيرٍ لروعتها وسحرها
في قوله:
إنّ الذي ملأ اللغات َمحاسناً
جعل الجمالَ وسرهُ في الضادِ
ويأتي بيت جميل لوشائج العربية للشاعر اللبناني حليم دموس يقول :
لغةً إذا وقعت على أكبادنا
كانت لنا برداً على الأكباد
ستظل رابطةً تُؤّلف بيننا.
فهي الرجاءُ لناطق بالضادِ
وهي من أكبر لغات العالم مساحةً ، وأقْدمها فهي لغةُ ثمودٍ وعادٍ ووصولاً إلى قبائل عربِ الجزيرةِ. وفي حملها الدين والحضارات .
وهي اللغة الثالثة بين لغات العالم ، كانت الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة ( اليونسكو) أقْرّتها لغة كتابةٍ وحضارة . وفي عام 1948 أعتمدتها في المؤتمر الثالث لها، وأدرجتها ضمن اللغات التي تترجم إليها محاضرالإجتماعات ،والدوريات ووثائق العمل ،واعتُمدت ضمن اللغات الرسمية للجلسات مع ترجمة آنية ( موسوعة الجزيرة 18 ديسمبر يوم عالمي للغة العربية 2016.
فكان انتصار كبيرُ لوجود العربية ، وحق كان لابد أن يُمنح لها لمكانها ومكانتها .
إن خارطة استخدامها تمتد من بلاد الشام ، وشبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا لغة رسمية ويتناثر المتحدثين بها والدارسين ، ثقافة وعبادة وهذاسبب الزحف الكبير لتعلمها من العلماء والطلاب من رجال الشرق والغرب .
فإصدر المستشرقين الأمريكيين مجلة شؤون الشرق الأوسط ، ومجلة الشرق الأوسط ، وهي ذات طابع الإستشراق السياسي( المكتبة الشاملة الاستشراق والمستشرقون)
ومن أقوى إصدارات المستشرقين مجموعة مجلدات ” دائرة المعارف الإسلامية “بعدت لغات ،وإصدار موجز بنفس اللغات الحية . وكان هذا العمل تعبئة من المستشرقين خدمت الكثير من الباحثين مع أنها تتضمن شئ من
الخلط والتعصب للرأى أحياناً ( المستشرقون وإصدار الكتب والمجلات اسماعيل على محمد شبكة الألوكة 2016/3/20)
ولهم كذلك الكثيروالعديد من المؤلفات والمعاجم والكتب والإصدارات لأهداف علمية وتبشرية فكان منهم المنصف والمتجني ، ولكن اللغة العربية بعلومها وآدابها، قد أفادت الكثير من هذا الإهتمام والرعاية.
من التحديات التي تواجه اللغة العربية :
– تأثير اللّغات الغربية على مسار اللسان العربي مع انفتاح العالم وتقارب المجتمعات ، والتطور والإتصال بالحضارة الغربية فأستبدلت ألفاظ ومصطلحات إلى غيرها ذات أصولٍ غير عرببة لتدخل على العربية.
خضع بعضها للتعريب واقحم آخر في لغتنا
– ركزت التكنولوجيا الحديثة في بناء تطبيقاتهاوبرامجها على الإنجليزية، مما أدى إلى قلة التفكير في ترجمة التكنلوجيا إلى اللغة العربية .(موضوع اكبر موقع عربي ، مقال عن أهمية اللغة العربية ، احسان العقلة،1, ديسمبر ،2016
– اعتماد الفضاء الرقمي الإلكتروني في الإنترنت على الأرقام واللغة اللاتينية، والتي أصبحت المُصمّم الرئيسي للعديد من الصفحات الإلكترونية ويمكن استبدالها بالعربية ( بتصرف المرجع السابق )
– ضعف حركة الترجمة ، فيستغرق الكتاب في انتقاله من لغته إلى العربية أكثر من عقد من الزمان ،هذا لايتناسب مع مكانة اللغة وضرورة ضم المعارف الحديثة اليها بسرعة .
– ضعف البحوث العلمية في اللسانيات ، وحاجة العرب الى دعم بحوثها المطورة للأداء اللغوي ، بما يجعلها تواكب الإستخدام العصري للبحوث العلمية في مختلف مجالاتها .
– سيادة اللغات الغربية الموروثة في الإدارة والإقتصاد بإعتبارهما معارف ونظريات حديثة ،أنجبتها العقول المتحضرة ،وسرى إلى شرائح من التعليم وخاصة الدول التي خضعت للإستعمار.والتي دمجت لغة غربية إلى لغتها .
– إخفاق الدول العربية أحيانا في مجامعها اللغوية بتوحيد المصطلح المعّرب.
د. ليلى بابنجي
عضو هيئة تدريس سابق
جامعة اللغة العربية ، الفلسفة في الدراسات الأدبية الحديثة