لُجة الأيقونات
منطق الطير: “إن العالم يفسح الطريق للمرء الذي يعرف إلى أين هو ذاهب” – رالف و.أمرسون
تُطوى الأيام ومعها تُطوى الصحائف وتُرفع الصحف، يُحتفى بقدوم العام الجديد بِضع ساعات من ليلة تزدان بالأضواء والمفرقعات، وبالصخب واللامبالاة، وتزدحم الفضاءات التواصلية والشبكات الاجتماعية بوسائطها وقنواتها المتعددة بكثير من التبريكات والتهاني، وقليل من وقفات التأمل والعبر، ثم يغط الكثير في سبات نومه إلى ظهيرة اليوم دون أن يتوقف عند هذا الحدث، ودون أن يعي خسارات العام المفقود الفادحة!، واستحقاقات العام القادم الصعبة؛ فالأيام لا تمر في عبثٍ، وإنما هي دفتر لا يكتفي بتسجيل المواقف وإنما باستجلاب المستقبل.
ثمة ثيمة متداولة في العرف الشعبي عند التهنئة بالأعياد والمناسبات: (أعوام عديدة وسنوات سعيدة)، وهي تستدعي التوقف!، إذْ أن العبرة في حياة الأفراد والمجتمعات لا تنحصر في مجرد مضي عام وقدوم عام، وإنما في حصيلة المنجزات التي تشكل ثمرة الجهود المتراكمة خلال سنوات مضت، وكم التحديات والعقبات المنتظرة في السنوات القادمة، وذلك لن يتأت دون وعي ثاقب بسنن التداول والتدافع، وقدرة حاذقة على تحليل المخرجات والمنجزات، وصدق في مواجهة الحقائق، ورؤية واضحة وتخطيط سليم.
إن حساسية المرحلة وما يمر به عالمنا العربي من أحداث وأهوال، وما يستشرفه من محطات وأحوال، وما يحيط به من مناخ مضطرب وخريطة متحركة، ونهم في استهداف استقراره ونهب ثرواته، ليدعو إلى مزيد من اليقظة والحذر، وحرص على قراءة واعية وصادقة، لا تقف موقف المتفرج تنتظر الخراب والهلاك، وإنما القدرة على المفاجآت والمبادرات، وقلب المعادلات والتوازنات؛ ولن يكون ذلك دون استثمار حقيقي لكل الإمكانات المادية والبشرية، وتعزيز الولاء والانتماء، وإرساء قيم العقلانية على حساب “البروباغنداPropaganda)) “.
إذًا علينا التحرك سريعًا وفي مستويات متعددة، وعلى جبهات متنوعة، -رسميًا وجمعويًا/ فرديًا ومؤسسيًا- من أجل البدء في معالجة الراهن المتشظي بسرعة وفاعلية، وتأسيسٍ لبناء الوعي والحصانة الذاتية لدى الأجيال القادمة، من خلال التنبه لخطورة تصدع الجبهة الاجتماعية الداخلية والبناء الشعوري الوحدوي وقيم الأخوة والمواطنة، والمسارعة في ترميم العلاقات بين مكونات المجتمع المتباينة، واستثمار ذلك التنوع من أجل بناء فسيفساء الوطن بدلاً من جعلها وقودًا للإحراق.
خبر الهدهد: “المربعانية”
عبد الحق هقي