المقالات

يا سيّد لبنان أعِدْ له وجهه الجميل

همسات الخميس

جيلي الذي أبصر العالم بين عامي 1960 و1970 (قلت أبصر العالم ولم أقل أبصر الحياة) لا يعرف من الحضارة والتمدن إلا لبنان، ولا يعرف من أدوات معاينة الحضارة إلا أدب لبنان وشعره وصحافته وموسيقاه وتلفزيونه، كانت مصر خلال تلك الحقبة قد دفنت تاريخها الحضاري تحت ركام التوتر السياسي وطبول الحرب الجوفاء وجعجعة أحمد سعيد، وكانت لبنان يومها تقدم نفسها واحة حب وجمال وسلام.

        ما زلت أتذكر الخميس الذي كان يأتي محملا بمجلات لبنان: الجمهور الجديد والخواطر والجديد والأسبوع العربي والديار والدبّور، وللأطفال: بساط الريح والفرسان وتان تان والمغامر، وسوبرمان والوطواط وبونانزا وطرزان ولولو الصغيرة وصديقها طبّوش، وللأسرة: مجلة الحسناء الشهرية، وما زلت أتذكر ذلك الشاب السعودي الذي نشر أبياتا في حب لبنان فأجابه كريم من لبنان بهدية لا تنسى، قطعة أرض في لبنان التي تغنى بحبها ذلك الشاب.

        ما زلت أتذكر الدراما اللبنانية في تلفزيوننا، وما تزال نوافذ الذاكرة تطل منها وجوه ألفناها حتى باتت من أهلنا، جيزيل نصر ولمياء فغالي ورشيد علّامة ومحمود سعيد وزين الصيداني وغيرهم، وكم حلّق بنا حسن علاء الدين في عوالم مسرحه الضاحك الباكي، وكم صعدت بنا فيروز في شدوها، رحبانياً كان أم فيلمونياً.

        ما لذي حدث بعد ذلك؟ من كان يصدق أن يقتتل اللبنانيون؟ من كان يصدق أن واحة التسامح الكبرى تغدو دَغَلَ كراهية ضيق؟ من كان يصدق أن رجلا من لبنان سيأخذ أتباعه لقتل الناس سعيا وراء فكرة طائفية؟ ومن يصدق الان أن باحث قوقل الشهير الذي أحاط بالكثير لا يعرف عن تلك الحقبة الجميلة إلا القليل؟

        يا سيّد بعبدا الذي ننتظره، ندرك إخلاصه للبنان، نتفاءل باسم عون الذي يختم اسمه، فهو اسم حجازي عريق، ولن تجد حيّا من أحياء الحجاز يخلو من اسم عون، نثق بصرامتك التي يحتاجها لبنان الان، يا سيّد لبنان رد لنا وجه لبنان الجميل.

محمد ربيع الغامدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى