عممت قيادة أركان جيش العدو الإسرائيلي على جنودها في الثكنات وعلى الحدود، وعلى الذين يديرون مراكز التحكم ويشغلون أجهزة الجيش والمخابرات، وعلى جنود الاحتياط والذين يقضون عطلتهم في بيوتهم بعيداً عن مراكز خدمتهم، وعلى موظفي الدوائر الرسمية والعاملين في مراكز الدولة الحساسة وعلى عامة مستوطنيهم وطلابهم، تعميماً يتضمن توجيهات وتعليمات أمنية لمنع اختراق أجهزتهم الهاتفية وحواسيبهم الشخصية من قبل خبراء حماس الاليكترونيين وغيرهم، بعد أن اعترف ناطقٌ باسم الجيش أن عناصر من المقاومة الفلسطينية قد نجحت في خداع عددٍ من الجنود، وتمكنت من زرع برامج خاصة في حواسيبهم وجولاتهم، شغلت الكاميرات والميكروفونات، ومكنتهم من التقاط وتلقي مجموعة من الصور لبعض الأماكن الحساسة في الدولة.
ربما يتمكن العدو الإسرائيلي بما يتوفر عنده من تقنية عالية وتكنولوجيا متطورة، ومن خلال تعاونه من كبريات الشركات الدولية العاملة في مجال الانترنت والاتصالات، من وضع جدر نارية وبرامج خاصة تستطيع حماية أجهزته من الاختراق، أو قد ينجح جنوده ومستوطنوه في أخذ الاحتياطات اللازمة التي تحميه من احتمالات الاختراق والقرصنة، وقد بدأ بالفعل في تنفيذ برامج حديثة تضمن له تعقيد عملية الاختراق، أو اكتشافها في ساعاتها الأولى قبل أن يتمكن الهكر من السيطرة على الحواسيب، وفي الوقت نفسه قد يفشل في الحماية والتحصين أو في المعرفة المبكرة، بالنظر إلى قدرات المقاومة أيضاً، التي تتابع الجديد وتواكب التطور، وتستطيع أن تجاري كل محاولات السيطرة والهيمنة، وقد ثبت فعلاً أنها قادرة على التحدي ومواجهة الصعوبات.
لكن الذي يعنينا أن النصائح التي وجهها العدو لجنوده، قد تفيدنا وتنفعنا، فهي نفس النصائح التي يجب أن نتلقاها ونستفيد منها، ولا عيب في أن نستغل توجيهاته لجنوده طالما أنها تخدمنا وتفيدنا، ذلك أن العدو الإسرائيلي يقوم باختراق أجهزتنا المحمولة وهواتفنا الشخصية وحواسيب عملنا وغيرها، الأمر الذي يجعلنا أدعى للحيطة والحذر، وأحوج للانتباه واليقظة، ذلك أن قدرات العدو كبيرة، وإمكانياته عالية، وهو يستطيع أن يتدخل في إدارة وسائل التواصل الاجتماعي، كما أن كبريات شركات التواصل الاجتماعي العالمية ومنها شركة فيس بوك، لا تمانع في أن تتعاون معه، وأن تقدم له التسهيلات الممكنة، وأن تتجسس لصالحه، أو أن تقوم بإغلاق الصفحات النشطة التي تزعجه، وقد سبق لها أن قدمت له الكثير من الخدمات وما زالت تقدم.
ومما نصح به العدو جنوده وضباطه تحت طائلة المسؤولية والتعرض للتحقيق والمحاسبة والعقاب، بدافع الخوف الحقيقي والقلق الجاد، والتي أدعو فيها المواطن العربي بصورة عامة والفلسطيني بصورة خاصة، وتحديداً المقيمين في عموم فلسطين المحتلة، أن يأخذوا منها وأن يلتزموا بها، ولا يستنكفوا عن الاستفادة منها كونها صدرت عن العدو، علنا نتمكن من تجريد العدو من سلاحه، وإبطال قدراته، وكف يده التي تعيث في أنسجتنا فساداً وخراباً، ومن نصائحه التي أوردتها بعض الصحف العبرية التالي…
· عدم الموافقة على طلبات الصداقة من أناسٍ لا نعرفهم، والاكتفاء بقبول دعوات الأشخاص الذين نعرفهم.
· عدم نشر أي معلوماتٍ سرية على وسائل التواصل الاجتماعي.
· النقر فقط على الروابط المعروفة المصدر والموثوقة المحتوى.
· تحميل التطبيقات من المتجر الرسمي فقط.
· من لم يلتزم بالمعلومات السابقة، ولديه شك أن يكون جهازه مخترقاً، فعليه أن يقوم بعمل إعادة برمجة “فورمات” لجهازه، بعد أن يقوم بعمل نسخة احتياطية لمعلوماته الشخصية وصوره الخاصة.
· يجب على كل من يشعر بوجود خرق في جهازه أو خلل لافت أو حدث استثنائي، أن يقوم بإبلاغ السلطات الرسمية والمسؤولين في هذا المجال.
تلك كانت التعليمات والتوجيهات الإسرائيلية لجنودهم وضباطهم، الذين وقعوا في شراك عناصر المقاومة الفلسطينية، التي نجحت في اختراق أجهزتهم، وتمكنت من سحب معلوماتهم، وتصوير أماكن عملهم، وحصلت عبرهم على صور مباشرة لثكناتهم وأماكن تجمعاتهم، وسجلت حواراتهم وأحاديثهم الشخصية وتعرفت على مشاكلهم وهمومهم العامة.
أما نحن فنضيف إلى أنفسنا وبعضنا البعض، كعرب وفلسطينيين بعد الذي عرفنا من تعليمات عدونا لجنوده، إرشاداتٍ أخرى خاصة علها تفيدنا وتنفعنا، وتحمينا من الاختراق، وتحصننا من الاستغلال، ليقيننا أن العدو يعمل ولا يهدأ، ويطور ويحدث ولا يجمد على حال، ولا يقف عند محال، بل يبذل قصارى جهوده، ويستفيد من أمهر خبرائه وأنبغ طلابه في اختراق مجتمعاتنا العربية، للحصول على معلوماتٍ خاصةٍ، أو لتشتيت مجتمعاتنا وضعضعة صفوفنا، وبث الفرقة والخلاف بيننا، لتضعف شوكتنا، وتذهب ريحنا، ولا نعود قادرين على فعل شئ، وإليكم بعض التوجيهات الخاصة بنا بالإضافة إلى تلك الحكمة التي وجدتنا فيها ضالتنا، وإن كان العدو قائلها، والاحتلال صاحبها.
· عدم قبول دعوات أناس لا يظهر في سجلاتهم أصدقاء مشتركين معنا، أو ليس عندهم أصدقاء أصلاً، أو ليس في صفحاتهم مشاركات أو حوارات مطمئنة، ولا تقتصر صفحاتهم على مشاركات اللصق والنقل، أو أن صفحاتهم حديثة التأسيس، علماً أنه من خلال متابعة بعض هذه الصفحات فإنها تزول من الشبكة بعد أيامٍ قليلة، بما يؤكد أنها كانت لغرضٍ ما، وخدمةٍ معينة.
· عدم قبول أو فتح رسائل من شخصياتٍ مجهولة، وعدم الانجرار وراء الحشرية النفسية لمعرفة أصحاب الرسائل أو محتواها، خاصةً أن بعضها تقول بأنها تحمل صوراً خاصة بك، أو لدى صاحبها معلومات تخصك، وغير ذلك مما يثير الفضول لفتحها، حيث أنها تحتوي غالباً على برامج تجسسية تعمل بمجرد فتح الرسالة، وتقوم باختراق الأجهزة وسحب كافة المعلومات منها.
· عدم تصديق رسائل البنوك وطلبات المساعدة المالية، التي تعرض تقديم مبالغ خيالية مقابل التعاون مع أصحابها، حيث يطلب أصحاب هذه الرسائل المشبوهة من المتلقي تعبئة نماذج خاصة تشمل مختلف البيانات الشخصية وربما بعض المعلومات السرية، ويطلب منه الرد على العنوان البريدي المرفق، وقد يستجيب البعض لهذه الطلبات طمعاً في المال، وجرياً وراء سراب الكسب السريع، مما يوقعه في شراك العدو وحبائله.
كما لم يستخف العدو بهذا الاختراق، واعترف بأنه هزيمة وضعف، واستعد لمواجهته وتهيأ لصده، وتوعد مرتكبيه بالعقاب، فإنه ينبغي علينا أن نأخذ بدورنا هذا الموضوع على محمل الجد، وألا نهمل فيه ولا نقصر، وألا نستخف بأخطاره ولا نبالي بعواقبه، بل نأخذ بالنصحية ونعمل بالتوصية، وفي هذا مقاومة وصمود، وتحدي ومواجهة، وثبات وحماية، وإننا لقادرون بإذن الله أن نواجه عدونا في هذا الميدان، وأن ننال منه وننتصر عليه، ويكفي أن نعرف أن جنودنا ينتشرون في العالم كله، ويتوزعون في الكرة الأرضية جميعها، وكلهم على أهبة الاستعداد لمهاجمته واختراقه، وهم لا يقلون عن العدو كفاءةً وخبرةً، وقدرةً وعلماً، بل يضاهئونه في كل شئ، ويتفوقون عليه عزماً وجلداً، ويقيناً وإيماناً، ووعداً وأملاً.
د. مصطفى يوسف اللداوي