عبدالرزاق حسنين

ملتقى المتقاعدين مطلب

كم هو جميل أن يحتفل الذين خدموا الوطن في مجالاته المتعددة، الجوية والبرية والبحرية، إذ يتلاقى زملاء المهنة بعد إنقطاع سبقه مشوار طويل في الخدمة الوظيفية داخل المملكة أو خارجها، وفي ذلك من وجهة نظري ما يعيد لهم الذكريات الجميلة وغيرها، بل ويؤكد لهؤلاء المتقاعدين الذين أفنوا شبابهم في الخدمة المدنية أو العسكرية، أن لا يزال يذكرهم الوطن ويحتفل بهم، وهنا أشير إلى أن ليس بالضرورة التكلف بالإحتفالية بإعتبار أن المنشود منه، حميمية اللقاء وليس الإطعام وما يصاحبه من ترف وتكليف على القائمين عليه، وما شدني لما سطرته بين يدي عزيزي القارئ، دعوة تلقيتها من صديق لحضور حفل ملتقى زملاء أمن السفارات المتقاعدين، والذي أقيم في محافظة جدة، وحضره زملاء المهنة من جميع مناطق المملكة ومحافظاتها، هؤلاء الرجال الذين ساهموا بالروح قبل الجسد في حماية سفارات المملكة في جميع أنحاء المعمورة، ولقد كانت أمسية جميلة إشتملت على جميع الفنون الشعبية التراثية منها والمعاصرة، لمختلف مناطق المملكة حفظها الله من كل سوء، وأدام عليها الأمن الذي نعيشه بفضل الله تعالى ثم برعاية خادم الحرمين الشريفين سلمان الحزم وحكومته السعودية، وما لفت إنتباهي بالإعجاب أن تم الحفل والهدايا التذكارية، بجهود فردية مالية ومعنوية، وكم تمنيت أن شاركهم المناسبة بعض المسؤولين، من الذين هم على رأس العمل، وفي ذلك من وجهة نظري تبادل للخبرات التي تتخلل الحفل، وهي إشارة إطمئنان للجيل الجديد بأن دورهم قادم وبكل فخر، وهذه سنة الحياة وفي جمالها إتاحة الفرص للدماء الشابة للقيام بدورهم، بعد أن استقوا من ينابيع العلم المعاصر، ما يؤهلهم بعون الله لإتمام المسير المشرف للوطن وأهله، ولتبقى راية التوحيد شامخة خفاقة في جميع المحافل.

وللحديث عن المتقاعدين وما يتناقله المجتمع من أحاديث، ما يؤكد مدى محدودية الثقافة في حق تلك الفئة الكريمة من الوطن، التي تحسب أن التقاعد خطوة في مشوار وداع الحياة، والركون إلى إحدى زوايا المنزل، في إنتظار توقف حتمي لقطار الحياة، ومن وجهة نظري والآخرين، لزوم تغيير ذلك الفكر المتنافي مع سنة الحياة، وما أمرنا الله تعالى به من العمل ثم العمل، ما دام في الجسد روح وفي الأبدان طاقة، تعيننا على بذل الجهد والسعي لكسب العيش الرغد، لمواكبة التغيرات الإجتماعية والإقتصادية، أسوة بما يعيشه المتقاعدون في الدول الأوروبية والأمريكية، ومن مبادئهم (أن لا يأس مع الحياة وأن لا حياة مع اليأس)، وهنا يأتي دور الجهات المعنية في التخطيط العصري للإستفادة الجادة من تلك الفئات الكريمة، التي أقر لها الشارع سن التقاعد، دون النظر إلى ما تمتلكه من طاقات وقدرات جسدية ومعنوية، بعضها لا تجده عند شريحة من جيل الشباب، الذي أشغلته بل أرهقته تقنية معاصرة عن النشاط الحركي والفكري، وليس أدل على ذلك إستخدامنا للحاسبات للتعرف على نتائج أبسط العمليات الحسابية، وعدم إستغنائنا عن وسائل النقل حتى في أقرب المسافات، وفي إعتقادي جازماً أن ليس من الممكن الإستغناء الكلي عن تلك الفئة الكريمة من المتقاعدين، وفي جعبتهم الخبرات المتراكمة في مجالاتهم الخدمية، التي قضوا فيها عقوداً فاعلة في خدمة الوطن، ولا أبالغ القول: إننا في حاجة إلى نواد راقية لمتقاعدي كل الجهات في الدولة، أسوة بنادي شركة الكهرباء وخطوط الطيران المدني، وما تقدمه من مساهمات في إحتفالات منسوبيها الخاصة والعامة، ويجدون فيها متنفساً لقضاء أوقات فراغهم بما يثري معارفهم، والحديث عن جمود موارد المتقاعدين المالية يطول، وأختم بعد الصلاة على النبي الهاشمي محمد، بالإبتهال إلى الله سبحانه أن يحفظ الوطن حكومة وشعباً وبلاد المسلمين..

 .عبدالرزاق سعيد حسنين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى