من الأمثال الشعبية التي نرددها ( اللي ما يرضى بالحمى يرضى بالنفاضة)، وهو كناية عن السخرية من شخص رفض قبول أمرٍ ما، اضطرته الأحداث لاحقًا للتنازل والقبول بأمر أسوأ من الأمر الذي رفضه سابقًا!
ما يجعلني أكتب عن السخونة والحمى والنفاضة رغم أننا نعيش الآن في (برج الجدي) أحد أبراج فصل الشتاء، هو ارتفاع حرارة الأحداث والتي ساهمت وإلى حد كبير في التخفيف من موجة البرد التي مرت على السعودية هذا العام.
بدأت (مرحلة السخونة) خلال الأسبوع الماضي والذي قبله حيث شهد الوطن حراكًا قويًّا ضد مادة (77) من نظام وزارة العمل، والتي استغلها القطاع الخاص لإهدار الحقوق المالية لأعداد كبيرة من المواطنين السعوديين الذين أُنهيت خدماتهم.
ومع أول يوم عمل من هذا الأسبوع، فوجئ المجتمع بالوصول (لمرحلة الحمى) بعدما أشيع عن تعيين (آنسة / سيدة) عربية في منصب مديرة العلاقات العامة والإعلام في إحدى مؤسسات / شركات الطيران في السعودية.
في الوقت الذي يعاني فيه (بعض) أبناء الوطن من إهدار حقوقهم المالية من شركات ومؤسسات عملوا بها عدة سنوات، ويعاني (بعض آخر) من البطالة التي تزداد نسبتها مع الأعوام، ويعاني (البعض الآخر) من تخفيض البدلات، إذ بهذا الخبر ينزل عليهم كصفعة لم يعرفوا من أين مصدرها من القطاع الخاص أم الشركات / المؤسسات الحكومية؟
وبعد موجة حادة من النقد والتعليق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بادرت جهة التعيين بنفي خبر تعيينها كمديرة للعلاقات العامة وأن الخبر محض افتراء وأنه قد تم تعيينها كمستشارة! بارك الله فيكم وسدد خطاكم، كأن المواطن قد أغضبه وأثاره المسمى الوظيفي لسعادتها!
قد يدافع البعض عن تعيينها بحجة أن الاستعانة بالخبراء أمر تعمل به كل الدول، وربما يستشهد البعض بقوله تعالى: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ )، نحن نعلم (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ) وأن الاستعانة بالقدرات أيا كانت جنسيتها هو أمر مطلوب للبناء والتطوير، ولكن سعادتها ليست خبيرة في تقنية النانو أو في أحد أنواع الانشطار النووي أو في أمن المعلومات ومكافحة الهجمات الإلكترونية حتى يصعب وجود نظير لها في السعودية، فالوطن يعج بخبراء ومستشارين في العلاقات العامة أثبتوا بما لا يدع مجالًا للشك تفوقهم سواء في القطاع الحكومي التجاري أو الخاص، وفي تعيينها هذا تشكيك في قدرات أبناء الوطن الذين يكافحون بقوة للحصول على إحدى الوظائف القيادية وما يتبعها (كمستشار وخبير) ذات العائد المالي الضخم والامتيازات التي لا حصر لها من سكن ووسائل نقل إركاب وتأمين صحي وتعليمي ناهيك عن بدلات الانتداب ورحلات العمل الداخلية والدولية التي يتطلبها هذا المنصب.
قبل الختام
أتمنى أن يتفاعل المسؤولون بشكل عاجل لتعديل كلٍ من مادة(77)، و شروط الاستعانة بالخبراء والمستشارين في شركات (الحكومة)، كما أتمنى ألا يفاجئنا أحد من القطاع الخاص متهكما (بكفاية دلع وأخواتها) مطالبًا بمنح راتب 15 يومًا فقط عن (كل) سنوات عمل المواطن!! فتلك ستكون مرحلة صعبة..
عبدالإله الشريف