المقالات

أوراق لشفيف القرى(٢)

نحتفي ببيتنا إذا اقترب العيدان, ويزداد في عيد الفطر, أمي تذهب مع نسوة إلى جبل “بهول” لتغترف من تربتها البيضاء الجيرية والحمراء وتضعها بيديها الكريمتين في الجدران لتزيد بياضًا, وتفرش الأرضية بالتربة الحمراء بعدها تواصل العمل الفني من خلال فرشاة صغيرة ليزيد بهاء المنزل, أما الزافر الذي يحمل منزلنا على هامته فيثيرني فيه شيئان صبره وجماله, إذ يمتلئ بنقوش على أشكال أوراق النباتات وأشكال هندسية وكذلك نقش يشير للعام الذي تم فيه بناء البيت, محفور بسن حديدي ليبقى خالدًا لعشرات السنين, تولدت ألفة بيني وبين الزافر, ليس لكونه كان يحمل بيتَنا على رأسه, أو أنه يتميز بتلك النقوش البديعة, بل لأن عيني صافحت هذا الوجه الخشبي قبل أن أدرك معاني الأشياء..
الجدار يحمل أسرارًا ومن بينها فتحة مجوفة نضع فيه أشياءنا الثمينة, حجل فضي, عقد من مفارد الظفار, حاولت مرارًا أصل إليه إلا أنني لا أستطيع فيصيبني الحزن.
يستيقظ الأطفال عند سماعهم الأصوات العالية التي جاءت من الساحة الخارجية, ساحة السوق مليئة بالناس والبضائع, ودكاكين صغير ارتصت بانتظام على جانبي السوق, وجوه غريبة, يحمل البعض أكياسًا على شكل أكواز الذرة إلا أنها مليئة بالكتابة الإفرنجية يسمونها ورق الجنوي ولا أعرف عن التسمية, سوق الأحد في ذروته اكتشاف لذيذ, سوق الأحد لم يقتصر على البيع والشراء فقط بل اتسعت وظائفه ومهامه إلى جوانب إعلامية واجتماعية ونصائح وتذكير بأمور الدين ومكانًا لتنفيذ القصاص.
يحوي السوق على بسطات متنوعة, بضائع متنوعة جلبت من أطراف بعيدة زهران غامد بيشة تهامة. بهارات, فواكه، مواد غذائية، زبيب، لباب ماشية، أدوات خوصية ونباتات عطرية, يوجد سوقان أحدهما يرتفع قليلًا يسمى الأعلى. يحيط بالسوقين دكاكين مبنية من الأحجار أو من الأسمنت يعج السوق بالمتسوقين خصوصًا في أيام الأحد التي تسبق العيدين, دكاننا الصغير الذي تفتح أبوابه على السوق مباشرة يمتلئ بالمشترين, البضاعة يجلبها التجار من مكة المكرمة وجدة, ملبوسات أقمشة بهارات مواد غذائية وغيرها.

جمعان الكرت

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button