المقالات

الرابط بين الانفعال بتأثير المخدر وجريمة الاعتداء

معلوم أنه على الرغم من الأمن الذى قد وصل في المملكة العربية السعودية إلى درجة لا يكاد يتصورها العقل فليست لها مثيل في أى بلد من بلاد العالم، وأن هذا الأمن هو أخص واجبات الدولة؛ إذ استطعنا القول إنه لا توجد دولة في العالم تقوم بواجبها قيام المملكة به، على الرغم من أنها تحارب في عدة جبهات. فالمملكة قواتها تنتشر على طول الحدود اليمنية السعودية وأيضًا قواتها منتشرة بمأرب وعدن وأيضًا على حدود صنعاء وغيرها من المناطق التي لم يفصح عنها فلا توجد دولة في المنطقة قادرة على نشر جيشها على طول الحدود اليمنية السعودية التي يبلغ طولها 1470كم.
وفي نفس الوقت تنشر قوات ومروحيات وأنظمة دفاع جوي في جبهة في مأرب وأخرى على طول الحدود السعودية العراقية التي تبلغ 8500 كلم مدعومة بمروحيات وخلافه، وتقوم بمناورات ضخمة داخل أراضيها، وبمناورات بحرية في الخليج العربي، وفي الوقت نفسه تقوم بنشر قطع بحرية لتأمين السواحل اليمنية، وتحارب القاعدة في جنوب اليمن، وفي نفس الوقت تحارب الإرهاب بأراضيها، بالإضافة إلى عمليات في مناطق عديدة … هي أشبه بعمليات خطافة وخلف خطوط العدو وقيادة للقوات اليمنية على جبهات مختلفة، وتقوم أيضًا في ذات الوقت بطلعات جوية ضد داعش في سوريا، وفي نفس الوقت تقوم بإرسال جنودها لتركيا، كما تدير معركة خارج أراضيها في عمق أراضي العدو ضد مليشيات حوثية ذات ارتباطات قبلية مع قبائل كثيرة، وضد قوات الحرس الجمهوري، وأيضًا قوات الأمن الخاصة بكاملها موالية للمخلوع، وتقاتل المملكة أيضًا 80 % من الجيش اليمني من قوات برية وبحرية ودفاع جوي وجوية وهكذا المملكة تخوض حربها خارج أراضيها + وتحمي الحكومة اليمنية وتؤمن عدن + وتحمي حدودها مع اليمن + وتحمي حدودها مع العراق + وتقاتل على عدة جبهات في اليمن + وتنظم وتحمي الحج + وتقوم بتنفيذ ضربات جوية وأعمال استطلاع ضد داعش في سوريا + وتتواجد قوات سعودية في البحرين ممثلة بلواء كامل حتى هذه اللحظة + وتحمي سواحلها + وتتواجد قوات مشاة بحرية ومقاتلات في تركيا.
ومن ناحية أخري فالمملكة تحارب في جبهة لا تقل خطورة مما سبق. في المجال الدولي لمحاربة المخدرات؛ حيث يتَّفِق الباحثون على أن المملكة – خلال العقود الثلاثة الأولى من قيامها – كانت خالية من وجود مشكلة المخدرات.
ومع التغيُّر الاجتماعي الذي صاحَب زيادةَ النفطية الثروة إلا أن قدوم العمالة الأجنبية، ورحلات المواطنين إلى الخارج للتِّجارة أو السياحة أو التعليم، والزيادة الملحوظة في أعداد الحجاج والمعتمرين، ظهرت هذه المشكلة وتفاقمت بشكل يُهدِّد استقرارَ المجتمع القائم على أساس من اعتصام أفراده بحبل الله، وتَعاوُنهم على البِرِّ والتقوى.
وقد لعبت المملكة دورًا فعَّالًا في الجهود التي تبذُلها جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي في مجال مكافحة المخدرات؛ فقد شاركت في إقرار الاتفاقية العربية الموحَّدة للتعاون القضائي، التي أقرَّها مجلس وزراء العدل العرب بالرياض عام 1983، كما شاركت في إقرار القانون العربي النموذجي الموحَّد للمخدرات، الذي اعتمد بقرار مجلس وزراء الداخلية العرب في الدار البيضاء عام 1986، واستفادت منه في صياغة نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وكانت المملكة دائمًا سبَّاقة في مجال التعاون الدَّولي والعربي، والتنظيم الداخلي، بما يُجنِّب البلادَ أخطارَ تعاطي المخدرات، وزراعتها والاتجار بها.
إن انتشار المخدرات في المملكة العربية السعودية يرجع إلى كثافة الأيدى العاملة الأجنبية، التي تدخل الى البلاد حاملة كميات قليلة من المخدرات لاستعمالها الشخصي. وتؤكد السجلات الرسمية أن أكثر من 98 بالمائة من موردي المخدرات هم من فئات غير سعودية. ولكن باحتكاك هذه الجنسيات بأهل البلد والشباب من كلا الجنسين، كان له الأثر الكبيرفي أن تعلم البعض تعاطي هذه المخدرات من باب التجربة أو التقليد. وذلك في البداية، إلى أن يصلوا إلى حالة الإدمان. إلا أن هذه النسبة- التى تأثرت-لا تشكل نسبة كبيرة بالمقارنة بعدد السكان. كما أن هذه النسبة هي من الطبقة الجاهلة والدون في المجتمع. ومما لاشك فيه أن هناك علاقة وثيقة بين المخدرات وجرائم القتل والإرهاب. فنجد أن متعاطي المخدر فاقد لجميع أحاسيسه. وبالإمكان أن يرتكب أى جريمة، دون تحديد وبالذات الجرائم التي لا تستغرق وقتًا طويلًا لتنفيذها كجريمة القتل أو الزنا، ولكن- في اعتقادي- من الصعب والنادر جدًا أن يرتكب حادث سرقة أو سطو على متجر أو بنك أو خلافه، لأن هذه العملية تحتاج إلى وقت طويل وتخطيط وتفكير، وليس لمجرد دقائق يرتكب بها متعاطي المخدر جريمته. فقد ثبت أن هناك علاقة وثيقة بين تعاطي المخدرات وجرائم القتل، وعمومًا قد يلجأ متعاطي المخدرات لجريمة القتل فيما لو حدث بينه وبين أى طرف سوء تفاهم. ومن هنا، تحدث جريمة القتل، فتكون الرابطة بين الانفعال بتأثير المخدر وجريمة الاعتداء المنتهية بالقتل.
لقد بلغ إجمالي ما تم ضبطه من قبل رجال الأمن في حوزة المهربين والمروجين من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والأسحلة والأموال النقدية خلال عام 1436هـ وفق التالي:
أولاً: بلغ إجمالي ما تم ضبطه من أقراص الأمفيتامين خلال عام 1436هـ 22 مليونًا و459 ألفًا و368 قرصًا.
ثانيًا: بلغ إجمالي ما تم ضبطه من الحشيش المخدر خلال عام 1436هـ 28 طنًا و821 كلغ.
ثالثًا: بلغ إجمالي ما تم ضبطه من الهيروين الخام خلال عام 1436هـ 26 كلغ و29 غرامًا و938 ملغ.
رابعًا: بلغ إجمالي ما تم ضبطه من مادة الشبو المخدر خلال عام 1436هـ 6 كلغ و669 غرامًا.
خامسًا: بلغ إجمالي ما تم ضبطه من الأقراص الخاضعة لتنظيم التداول الطبي خلال عام 1436هـ مايقرب من مليون و632 ألفًا و171 قرصًا.
سادسًا: بلغ إجمالي ما تم ضبطه من الأسلحة في حوزة المقبوض عليهم خلال عام 1436هـ 184 رشاشًا و132بندقية و913 مسدسًا و76114 طلقة حية، وقنبلة يدوية واحدة.
سابعًا: بلغ إجمالي المبالغ المالية التي تم ضبطها في حوزة المقبوض عليهم خلال عام 1436هـ 41 مليونًا و144ألفًا و558 ريالًا.
وتعتبر المملكة طرفًا في الاتفاقيات والبروتوكولات فقد انضمَّت إلى اتفاقية نيويورك للعقاقير المخدرة التي عُقِدت في سنة 1961، ودخلت حيِّز التنفيذ في سنة 1964، كما شاركت في اتفاقية فيينا للمؤثِّرات العقلية التي انعقدت عام 1971، وبدأ تنفيذها في 16/8/1976، كذلك شاركت المملكة في إعداد بروتوكول جنيف لعام 1972، الذي أَدخَل تعديلات جوهرية على الاتفاقية الوحيدة للعقاقير المخدرة (نيويورك 1961)، والذي دخل حيِّز التنفيذ في 8/ 8/ 1975، وكان للمملكة دورٌ بارز في المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة (فيينا 1988)، التي وضعت ضوابطَ لمكافحة تهريب المخدرات، وأقرَّت عقوبات فعَّالة على مرتكبي هذه الجرائم، وكان للمملكة حضورٌ بارز في برنامج العمل الذي تبنَّته الجمعيَّة العامة للأمم المتحدة عام 1991، وفي اجتماعات شُعْبة المخدرات بالأمم المتحدة. إنها بالفعل دولة عصرية تحارب على عدة جبهات من أجل راحة وأمن ورخاء مواطنيها.
وبالرغم مما سبق ذكره إلا أن ذلك ليس كل دوافع هاتين الجريمتين، ولكن هناك أسباب ودوافع اجتماعية، وأخرى نفسية نابعة من الظروف العائلية التي يعيشها هؤلاء المنحرفون. وأخيرًا لعل أعظم مفخرة سجلها المؤسس الملك عبد العزيز -رحمه الله- وتوارثها أبناؤه من بعده هي تطبيق الشريعة في المملكة وحصوله على ثمرة ذلك بأسرع وقت، حيث استطاع أن ينشر ألوية العدل والأمن في ربوع المملكة. وهو ما ننعم به حتي يومنا هذا. تلك أعظم مفاخر ملوكنا وفق الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده، وولي ولي عهده لخدمة العرب والإسلام.
د/ عزة بنت عبد الرحيم شاهين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى