عذرا نورة الغامدي ، فإن تلك الأحلام التي رسمت أمامك مستقبلاً زاهراً ، لم تحدثك بصدق ، لأنها ربما اعتادت على أن يتم وأدها ، فمارست معك ذات الدور ، حتى مع كونك بذلت جهداً خارقاً ، وتجرعتِ مرارة الغربة ، وواصلتِ الليل بالنهار ، دراسة وبحثاً ؛ لأجل أن تكوني شيئاً مذكوراً ، وقد كان على الأقل أمام قناعاتك ، وإيمانك بقدراتك ، ولكن الذي حدث بعد ذلك ، لم يصدمك لوحدك ، ولكنه صدمنا جميعا ، وأصابنا بدوار البحر ، ونحن على اليابسة .
يا للهول ! هذه القدرة الوطنية الكبيرة ، ذات التخصص النادر ، يضيق بها أفق وظائف الوطن ، فلا تجد لها وظيفة تليق بما تحمله من علم ، أيعقل أن تكون كل هذه الجامعات ، ومراكز الأبحاث ، والمرافق الصحية ، والشركات ، وغيرها من مرافق الخدمات ، لا تجد فيها نورة موطئ قدم لوظيفة تستقطبها لتفيد مما لديها من علم ؟!
تقنية النانو ( الفتح الجديد في عالم الاكتشاف ) ، تخصص نورة الذي درسته بهدف أن تُسهم في علاج السرطان ، المرض الذي أصاب والدتها – رحمها الله – فكان ذلك الألم طريق عبور لها ؛ لتبحث عما يمكن معه إنقاذ أولئك المرضى ، وكأنها قرأت في عيون والدتها : كم هي المعاناة ؟! وكم هي الحاجة للبحث عن علاج ؟! فكانت تقنية النانو خيار الدراسة ، وأمل المستقبل .
ثماني سنوات بين كندا واستراليا حتى حصلت على الماجستير ، بعد رحلة عناء مع مشوار روتين يومي يبدأ من السابعة صباحاً حتى الثانية عشرة ليلاً ، بحثاً ، ودارسة ، ومرارة غربة ، كل ذلك لم يشفع لها أن تجد وظيفة تليق بكل ذلك التعب ، وهنا موضع تساؤل كبير أضعه على طاولة صناع القرار المعنيين بمثل حالة نورة الغامدي : أين أنتم ؟ وماذا أنتم فاعلون ؟
لمثل نورة تحق الوظيفة ، وبكل مميزات الثقل العلمي الذي تحمله ، فثقتي أن لديكم من الصلاحيات ما يمكن لكم معه التوجيه – وبصيغة الأمر – باستحداث وظيفة لها ، بل وجعل ذلك نواة للتوسع في هذا المجال ، ولتكن نورة من يرسم للوطن خارطة الطريق في الإفادة من تقنية النانو .
إن وجود كل هذه القدرة العلمية اليوم خلف بسطة ( شاورما ) لهو معيب في حقها كقيمة علمية ، ليس هذا مكانها أبدا، فمع كل ما تعيشه من إحباط – والكلام لنورة – التي قالت : ( لن أتخلى عن حلمي بخدمة بلدي كباحثة أو محاضرة في إحدى الجامعات ) .
حققوا لها هذا الحلم ، وأنقذوا علياء ( النانو ) من إحباط ( بسطة الشاورما ) ، إن لم يكن لأجلها ، فلأجل الوطن ، وفالها الوظيفة المناسبة ،،،
خالد بن مساعد الزهراني