أ.د. عبدالله عيضة المالكي

الفرق بين الخلاف والاختلاف

هناك فرق بين الخلاف والاختلاف.
فالخلاف: يعني بين الناس بعضهم ببعض؛ كأن يخالف الإنسان إنسانًا آخر في اعتقاده أو في رأيه الفقهي أو في موقفه السياسي أو الاقتصادي أو في غير ذلك من أنواع الخلافات، وهذا الخلاف محمود.
نعم قد يترتب على الخلاف أحيانًا اختلاف وقد لايترتب، ولهذا قال بعض العلماء : “نخالف ولا نختلف” يعني يخالفون بعضهم بعض في الرأي ولكن لايؤدي هذا إلى الاختلاف والتباغض والتدابر والتناحر، وهو ما يسمى في القرآن الكريم بالتفرق المذموم، إذ قد يختلف الناس في آرائهم وفي وجهات نظرهم وفي قراءاتهم للنصوص والأحداث، ولكن لا يتفرقون.
إذ الخطر في أن يؤدي الخلاف إلى الاختلاف وإلى التفرق والعداوة وبغض بعضهم لبعض، وهذا الذي حذر القرآن منه حينما قال: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ..﴾، ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.

فالخلاف – بمعنى الاختلاف في الرأي – محمود، وهو مما يثري ويضيف جديدًا ويقيّم رأيًّا ويوجهه.
ولذا ألّف بعض الفقهاء كتبًا في الخلاف سموها (رحمة الأمة في اختلاف الأئمة).
وكما يقولون : الخلف في الرأي لايفسد للود قضية.
والخلاف وارد في تفسير النصوص حسب سماعها، وحسب ثبوتها، وحسب فهم مدلولها.
ففهم النص ( القرآن أوالحديث ) يختلف من فقيه لآخر ومن عالم لآخر، حتى في عهده صلى الله عليه وسلم.
خذ مثالًا على ذلك :
حينما رجع -صلى الله عليه وسلم- من إحدى غزواته وهو في الطريق علم بنقض يهود بني قريظة عهدهم معه فقال -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلايصلين العصر إلا في بني قريظة ).
فبعض الصحابة فهم من النص أنه يريد الحث على المسير، فصلى في الطريق، ثم واصل المسير إلى بني قريظة.
وبعضهم فهم أنه يعني مايقول فلم يصلِ العصر إلا في بني قريظة بعد وصوله متأخرًا.
فأخبر النبي بهذا الخلاف الذي نتج من تنوع الفهم لقوله، فأقر هؤلاء وأقر هؤلاء.
فاختلاف العلماء ليس وهم بل هو حقيقة وهو من لوازم التيسير، إذ لاإنكار فيما فيه خلاف، أي: لاتنكر على أحد في فعل أمر يفعله إذا كان فيه خلاف بين مانع ومجيز.
وهذا من تيسير الله تعالى لهذه الأمة أن جعل هذا التعدد في الفهم؛ ليكون للناس سماحة ويسر فيما يأخذون ومايتركون من الأوامر والنواهي.
وفقنا الله وإياكم للفهم الصحيح.

أ.د. عبدالله عيضه المالكي

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button