المقالات

جنودنا البواسل أهل العزم والحزم

من الثابت أن المملكة ترسخ مكانتها عبر تكثيف الجهود في حل النزاعات، توافقًا مع ميثاق الأمم المتحدة، وتوظيف الدبلوماسية الاستباقية لمنع تفاقم هذه الأزمات وتحولها إلى صراعات عسكرية، وكما هو معروف أن مملكة الإنسانية أينما حلت يحل الخير والبركة معها لصدق ونبل ما تقدمه وليس لمصالح كما تفعل بعض الدول الداعمة.
وأن تعاملها مع الأزمات، والصراعات، والحروب، والكوارث، والنزاعات من مبادئ تعاليم الدين الإسلامي التي تدعو إلى السلام، اقتداء بما رسخه الملك المؤسس عبدالعزيز (رحمه الله).
والحديث عن مساعدات المملكة العربية السعودية لأشقائها وأصدقائها، لا حدود له، ولا غرو أن تطّلع المملكة بهذا الدور الإنساني والإسلامي الرائد وهي التي تتميز عن غيرها من بلاد المسلمين بأنها مؤتمنة على أطهر بقاع الأرض في مكة المكرمة والمدينة المنورة، مهوى أفئدة المسلمين وقبلة عباداتهم، فضلًا عن موقعها الاستراتيجي وأهميتها على الصعيدين العربي والدولي.
وبالعودة إلى التاريخ فمن الثابث أن للعوامل الجغرافية دور هام في تاريخ الأمم ولا سيما في الفترات الساحقة؛ حيث تسهم في تكييف فاعليات الإنسان، وبصورة عامة لا يمكن فهم تاريخ أمة بدون فهم بيئتها الطبيعية، ويُقال بحق إن الحضارة بصورة عامة نتيجة تفاعل الإنسان والبيئة بمظاهرها المختلفة، فقد يقوم التفاعل على أساس التعاون أو التحالف بين الإنسان والطبيعة أحيانًا أو على التحدي والصراع أحيانًا أخرى..وفي تاريخ العرب القديم كان للجغرافية دور عظيم الشأن في حياة العرب، ذلك أن موقع جزيرة العرب الجغرافي وسط العالم القديم وعلى طرق التجارة العالمية بين الشرق الأقصى وشرق أفريقيا والبحر المتوسط جعل من التجارة موردًا رئيسيًّا في بعض مناطق الجزيرة وهيّأ لسكان هذه المناطق الاحتكاك بالشعوب المتحضرة التى تعاملوا معها، أما تطويق البحر للجزيرة من ثلاث جهات ووجود صحراء فى الشمال والوسط، فلم يتح فرص الاختلاط بين سكانها وبين العناصر الأجنبية إلا قليلًا، كما حدد اتجاه المد العربي بشريًّا وسياسيًّا نحو الهلال الخصيب وشمالى أفريقيا.
وعلى الرغم من هذا فقد كانت روح التمرد والكفاح صفة غالبة في طبع العرب يسرت التخفيف من قسوة الظروف الطبيعية، وهيأتهم لفكرة المجتمع الموحد والدولة الواحدة التي دعت لها الثورة الإسلامية بعد مقاومة مترددة أو خجلة إن صح التعبير..
وجزيرة العرب هي موطن العرب الأصلي، سكنوها آلاف السنين ونظروا إليها نظرة تقديس وإجلال..فهى الأرض التى أقيم عليها أول بيت وضع العالمين، وهي الأرض التى دب عليها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم طفلًا..والمهد التي نبت فيه الثورة الإسلامية وصلب عودها وبلغت أشدها لتنطلق إلى العالمين. ومن المكان والشخصية انطلق المسلمون الأوائل لإرسال الثورة الإسلامية. ورغم محاولات جر المملكة لصراعات جانبية، تعطل مسيرتها وجهودها الدولية فقد كانت المملكة حصيفة فى التعامل مع المزاعم وعمليات التشويه والمملكة دائمًا تؤكد حرصها الدائم على لم شمل المسلمين ومد يد العون لهم، والعمل على دعم كل الجهود الخيرة والساعية لما فيه خير بلداننا الإسلامية. وبالاستجابة لنداء السلطة الشرعية في اليمن (طلب الرئيس عبد ربه منصور هادى في 24 مارس 2015، استنادًا إلى مبدأ الدفاع عن النفس المنصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك)، فقادت الرياض تحالفًا عربيًّا في عمليتي “عاصفة الحزم”، و”إعادة الأمل” لمواجهة تمرد ميليشيات “الحوثي- صالح”، وإنقاذ المؤسسات اليمنية، وسط تأكيدات من خادم الحرمين الشريفين، إن ما تم يأتي في سياق “حرص المملكة على أداء واجباتها تجاه الدول الشقيقة ونصرتها، وأن التدخل جاء بطلب من الحكومة الشرعية في اليمن لإنقاذه من فئة انقلبت على شرعيته وعبثت بأمنه واستقراره، وسعت إلى الهيمنة وزرع الفتن في المنطقة، ملوحة بتهديد أمن دول الجوار وفي مقدمتها المملكة…”
وهاهم جنودنا البواسل الذين يضحون بأرواحهم فداءً لنا ولحمايتنا وقود المملكة وزادها في كل زمان ومكان، ومنذ مولد المملكة العربية السعودية وهم لحمتها وسداها، فقد شاركوا في أدوارها المختلفة همة قعساء وشجاعة نادرة، فلقد لعبت المملكة دورًا مهمًا كوسيط نزيه ومقبول لحل الخلافات العربية (الداخلية والإقليمية)، فضلًا عن حرص المملكة على حشد وتكريس قدراتها ومواردها وتسخيرها لخدمة قضايا العالم الإسلامي وتحقيق أسباب ترابطه وتضامنه، وليس أدل على هذا من مبادرة المملكة مع الدول الإسلامية بإقامة منظومة من المؤسسات الإسلامية الحكومية وغير الحكومية ومنها رابطة العالم الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي ودعم الأمن الجماعي للدول الإسلامية، والعمل على تسوية المنازعات بين الدول الإسلامية بالطرق السلمية، وتقديم المعونات الاقتصادية للدول والمجتمعات الإسلامية ذات الإمكانيات المحدودة.
حضور جنودنا المرابطين على الحدود التاريخي، وتحليل شخصيتهم وشرح مبادئهم.. لا يمكن فصله بحال من الأحوال، فهي مترابطة المعاني. تكون نسيجًا فريدًا من واقع المنطقة التي عاشوا فيها وهزوها بأعمالهم. وما زالوا حتي يومنا هذا..وهو أمر متروك للتاريخ وحده. لأنصاف رجال كل رجل فيهم بألف رجل على الإطلاق. يجاهدون من أجل الأمن والنظام في ربوع وثغور تسودها الفوضى ويهددها الخوف. ولقد يحار المرء من الحكمة والبراعة التي وضعت للقضاء على الخصوم.
ولا شك أنه لولا الله ثم خادم الحرمين الشريفين ( سلمان الحزم) الرجل يستجمع فى شخصه صفات بطل الأمة ومزاياها، على أتمها وأوضحها وأقواها..وهو بهذه المثابة بطل المملكة العربية السعودية غير مدافع، أو هو العربي الأكبر في الأمة العربية لأنه يجمع في شخصه تلك الصفات والمزايا التى اشتهرت بها أمة العرب من قديم الزمان فيدين له شعبه لأنهم يدينون لأنفسهم، أو يدينون لصفاتهم ومزاياهم، ويقوم حكمه على الطاعة والاختيار بهذا المعنى الأصيل من معاني الطاعة والاختيار.
صفات الملك سلمان البارزة هي الشجاعة البارزة، واليقظة، والحكمة العملية، والكرم والصبر على الشدة وإباء الضيم والبيان والذكاء الفطري والسليقة السلفية؛ لأن العربي يعتد بتراث الأباء والأجداد فهو سلفي محافظ على التراث القديم في الصميم.
تلك الصفات البارزة استمدها جنودنا فكان إخلاصهم للمملكة وتاريخها. وهي بعينها أبرز الصفات التي تجمعت في شخص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ” حفظه الله” فضلًا عن المعرفة والاختيار.
إن الحديث عن جنودنا البواسل المرابطين لحمايتنا على الحدود. لا تستوعبه الدقائق والساعات، فأوجز ما يقال إن الخبر يصدق الخبر، وأن المشاهدة تطابق السماع في كل ما رأيناه وسمعناه.
وأخيرًا لنا أن نفاخر بأبطالنا ورجالنا في صقور الجو وميادين الشرف الذين هم درع حصين لبلاد الحرمين الشريفين.
هنيئًا لهم أبطالنا وهم يقاتلون في سبيل الله، هنيئًا لهم بإحدى الحسنيين أما النصر أو الشهادة.
هنيئًا لهم، وهم يدافعون عن أقدس بقاع الأرض بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية. إن أنظارنا كمواطنين للمملكة متجهة اليوم إليكم، وستتوجه قلوبنا في كل لحظة من لحظات وجودكم مرابطين على الثغور والحدود. ندعو لكم بالنصر والعودة لنا سالمين غانمين فحققوا أمالكم وآمالنا في تحقيق النصر المبين. مزودين برعاية وعين الله ترعاكم، وسيكون لكم من ذلك الفوز العظيم في الدنيا والآخرة، ومن تلك الرعاية خير حافز إن شاء الله على أداء رسالتكم على الوجه الذي نبتغيه لكم.
وإننا نسأل الله أن يعز مملكتنا ويصونها ببركة المحبة والوئام، وأن يحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -أطال الله عمره- وأيّده بنصر من عنده، ورعى ولي عهده وولى ولي عهده. وأن يشمل أمم العروبة والإسلام ببركة تلك المحبة والوئام.
د/ عزة بنت عبد الرحيم شاهين

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button