رؤية/ ناصر بن محمد العمري – المخواة
مدخل:
لست اتحاديًّا، وأزعم أني دون ميول حقيقي، لكن الاتحاد يجبرنا على تأمله بعيدًا عن السياقات المعتادة وعن المألوف من الكتابة الرياضية المتخصصة والتصورات الجماهيرية العامة المدرّبة على (التلقي) الجاهز للقراءة الرياضية.
الاتحاد قراءة متأنية:
هل نادي الاتحاد مجرد نادي رياضي ؟؟ أم أن هناك معطيات أخرى تتمحور بشكل أو بآخر في باطن هذا النادي ونوازعه ؟؟
ما الذي يجعل الاتحاد يستحيل أثناء المنافسات الكروية أشياء أخرى تتجاوز لعبة رياضية وفوز وخسارة ولاعبين ترفرف طيور فرح متكاثرة فوق قمصانهم؟؟
صحيح أن الاتحاد نادٍ رياضي سعودي، لكن بقراءة متعمقة ومتأنية للاتحاد سنجد أنفسنا أمام نتائج جمالية تجعلنا نصف الاتحاد بـ ( النص الكروي)، وهو نص متفرد لايشبه إلا نفسه، فريد في تكتيكه وبنائه .
الاتحاد أستاذ في ( هندسة نصوص العطاء) يستنجد بالأشكال الهندسية كلها حين يأتي الزمن عصيًّا عليه فيصول لاعبوه في الساحة الخضراء، وإلى كل الاتجاهات في محاولة لتهشيم الأشكال الهندسية وخلطها وتفتيت الواقع المر، وتوظيفه إلى عناصر إيجابية تدفع لاعبيه إلى تقصي مكامن الساحة وفراغاتها مدفوعين بفعل جبار بطله جمهور رهيب يعمل على تثوير طاقة لاعبيه، وتسريع وصولهم إلى لحظة التنوير المثالية المشعة- تحقيق البطولة- .
نص الفوز الاتحادي
اللاعب الاتحادي يبتكر مفردات (نص الفوز). لينشر إشعاعاته الجمالية في أرجاء واسعة من الجغرافيا.
وما ليلة البارحة سوى لحظة من لحظات كتابة هذا النص المتكرر، جاء نص البارحة متعاشقًا مع الذات الاتحادية في تجلياتها المختلفة متماهيًّا مع ( سميفونية أمي وأبويا الاتحاد).
ورقصات جمهور مثير مشكلًا حالة من التناغم واللحمة المتماسكة بين النص والتلقي، وهو ماجعل الساحة المحلية تهتز على وقع الانتصار المثير.
الفوز الاتحادي بكأس سمو ولي العهد، فوز مثير وثمين بمعايير شتى من حيث إنه حقق مكوناته الفنية في نص كروي مدهش، توفر على آلية اشتغال فريد وفاعل ومتجاوز.
نص الفوز الاتحادي انتزع فتيل الخيبات، وتسامى على صوت الجراح والمشاكل والأوجاع والانكسارات، وأدخل أوكسجينا صحيًّا من المسرات والمباهج إلى ملايين القلوب المكلومة من الاتحاديين وغيرهم من الجمهور العريض المتعاطف مع الاجباط الاتحادي المرير جراء وضع مأزوم.
كان الاتحاد في كثير من لحظات تاريخه الطويل نص جماعي متكامل، يكتبه لاعبون متضامنون حد الانطباق في الشعور مع جمهورهم العاشق ومسيري النادي.
لاعبو الاتحاد لايخطون سطور الفوز بأقدامهم وحسب، بل بمداد عرق غزير منقاد خلف شعور متجذر بانتزاع النصر من الآخر ولي شكيمته؛ ليشكل الفوز شرارة مشهد تكافلي نادر وممتد تجعل من فوزهم جماليات خافتة ومعانٍ غامضة يسخر من أي مؤثر ومن كل الخيبات.
خاتمة :
الاتحاد حقًّا أكثر من لحظة تنوير بأكثر من نهاية وأكبر من مفاجأة وأبعد من كل الاحتمالات؛ فضلا عن كونه أبجدية لكرة السعودية ومفتتح الحكاية الكروية السعودية وبسملتها.