همسات الخميس
ماكنت يوما من المتهافتين على المقاطع المرئية أو المسموعة أو المصورة أو المكتوبة، تلك التي تصل إلينا تحمل وصفا أو تفسيرا أو اتهاما يربك مسار الحقيقة وأشعر في قرارة نفسي أنه ينطوي على تضليل ما، وما كنت من المروجين لها المشجعين على تداولها، لما أستشعره من غرضانية مدمرة انطوت عليها نفس صانعها الأول.
من تلك المقاطع التي توقفت عندي، لم أمررها لغيري، مقطع لرجال ونساء يحتفلون بمناسبة ما، ظهر من بين المحتفلين واحد من علماء الشريعة في بلادنا، كان يرتدي بدلة افرنجية ويكتسي وجها يتهلل سعادة وبشرى، وقد ألفناه صارما يجلس في شاشاتنا مثقلا بأكوام من الأردية الوبرية الثقيلة.
المقطع سواء كان على صدق أو على كذب، كان هدفه تغذية حروب المقاطع التي تشهدها ساحات التواصل أو قل ساحات الفُرقة، كل فريق يرى نفسه في الجهة اليمنى من المجموعة الشمسية، يحارب فريقا في الجهة اليسرى منها، وما دروا أننا جميعا في يمين اليمين من عالم ما يزال ثالثا.
لم أروج لذلك المقطع تحرزا من حروب سخيفة لا ناقة لي فيها ولا جمل، ولكني سعدت ويشهد الله برؤية الشيخ على تلك الأناقة رمحا سمهريا، وتمنيت له ابتسامة دائمة مشرقة، وتمنيت أن يكون المقطع صحيحا، فهو لن يغير من مكانته شيئا.
محمد بن ربيع
التدين والمسوح الإسلامية ليست جلباباً نخلعه متى اردنا ، وإن إختلف الهندام فلابسه واحد وماتنطوي عليه جمجمته لايغير من واقع الأمر شيئاً ، وإن كان يوماً لباس الافرنج غير جائزاً إن لم يكن محرماً ، ومايظهر للناس ليس بالضرورة يوافق ماعليه خاليا، أو باباً موارباً من رؤية الناس ، إن التدين والأدب سجية وطبع ، لاحرج إن كنت في بيتهم فلابأس لو أظهر شيخنا الفاضل سماحة الإسلام ، فنبي الهدى أظهر الفرح في العيد ليعلم بني يهود أن في ديننا فسحة ، لكن والأمر كذلك فلابأس ” يسروا ولاتعسروا ” .
أسعدني الكاتب برؤيته حول الهالة تلك التي أخذت مساحة من الاعلام المرأي والمكتوب ، ولايفوت المعيته وهو ابن دار التوحيد الذي نعرف ثقافته الدينية والعربية ، نحن ننقد الفعل وليس ذات الشخص ، وهو من نعلم فقهه وثقافته ، لكن لربما علم أن هناك من يتربص به بقول يجوز ولايجوز ، لقد حملنا ديننا مالا يحتمل ، فليس بالضرورة كل فعل حرام ، والأصل في الدين هو الاباحة ، حفظ الله شيوخنا والبسهم لباس التقوى ، وتلك الألبسة الأنيقة ” السموكن” ذات الألوان القشيبة الكحلي منها بالذات ، ومعهم كاتبنا وأكاد أجزم في إعجابه بالألوان الصارخة المزركشة .
أهلا بك عزيزي محمد، أشكرك بلا حدود على توقفك معي، وعلى إبداء رأيك الذي أجله وأحترمه كثيرا، وسواء اتفقت معك أو اختلفت فإن مقاصد المقالة هي أبسط بكثير من المقارنات والعتب ومحاكمات ما كان وما لم يكن، الذي كتبته لم يكن سوى أمنية شخصية أتمناها، أن يكون المقطع صحيحا وأن أرى كل مشايخنا الأجلاء في مواقف مشابهة، عاليهم بنطلونات من سندس وحولهم شريحة من خلق الله من ذكر وأنثى، في وضع يحترم الحياة وتحترمه الحياة، كان المقطع جميلا وأتمنى أن يكون حقيقيا وأن يتكرر، وحفظك الله يا صديقي وحفظ لك.