عبدالحق هقي

استقالة رمزية!

لُجة الأيقونات

منطق الطير: “لا تقود الكتابة إلاَّ إلى المزيد من الكتابة” – سيدوني غابرييل كوليت
​ثمة قلق يعتري الكاتب قبل خوض مغامرة الكتابة، ولا أبالغ إذْ أصف الكتابة بالمغامرة، حيث يتوجب على الكاتب من خلال اللغة إيجاد كيمياء بين النص وقُرائه المتعددين، ليتم بها تجاوز مرحلة الإخبار وإيصال الرسائل (الصريحة والمشفرة)، إلى مرحلة تشكيل وعي دافع نحو تحقيق أهداف الكتابة، فكيف الحال وقد بات المتلقي أكثر يقظة وأشد حدسًا، لكنه في المقابل بات مزاجيًا يفتقد إلى دافعية التلقي ويغلُب عليه طبع الجمود وقلة التفاعل!!، في بيئة تفاعلية مرنة، تجعل من التلقي والفعل التواصلي أساس التعبير وفعل الإبداع.
​تدفعك تلك السلبية واللامبالاة من قبل القارئ في كثير من الأحيان إلى التردد في الكتابة، وربما التفكير مليًا لهجرها، إذْ أن الكتابة ليست مكسبًا ولا مغنما، وليست بالتأكيد ترفًا أو نزوة، وإنما حُرقة ونحتٌ في ضمير الصمت، ومحاولة لبعث الأمل في كومة من اليأس، وهي قبل كل ذلك مصادمة مع واقع مرير ومشاغبة لأسئلة نازفة؛ لا يردعك عن ذلك التفكير وتلك الرغبة غير قداسة الكلمة وأمانة الرسالة وحب الأمة ورغبة التغيير، والأهم من كل ذلك حاجتك الذاتية للكتابة!.
​أعذر المتلقي من ردة فعله الباردة تجاه ما يُكتب، ولن ألقي حتمًا اللوم عليه، ولا أراه مسؤولاً عن مآلات الكتابة وحجم تأثيرها، إذْ أن سلوك التلقي لم يُعد مرهونًا لأثر الكلمات البراقة، ولا لقوة الفكرة وجزالة اللفظ، إذْ أسهمت الوسائط المتعددة (الملتيميديا) في تعدد القنوات والفضاءات للتواصل بين صاحب الفكرة والمتلقي، ما جعل من الرسائل المرئية والصوتية أشد تأثيرًا من الرسائل المكتوبة، ولا يرجع ذلك الأمر لاختلاف الوسيلة ووقع مؤثراتها فحسب، وإنما لمقتضيات اختيار المواضيع وطريقة تناولها.
​إنني أيها القارئ الوفي إذْ أشكر حسن تلقيك، يسرني إخبارك أني أحاول جاهدًا مواصلة مسيرة الكتابة، وطرد هواجس انتفاء أثر المكتوب وفاعليته، ساعيًا للارتقاء بما أكتبه لينال قبول ذائقتك الرفيعة، وأن ينسجم مع توجهك المختلف في التلقي، سواء كان ذلك من خلال اختيار المواضيع التي تتماس مع راهنك الجديد، أو أسلوب تقديمه بما يكفل تشكل منظور بصري ذهني؛ عزائي حال فشلي في تحقيق تلك المهمة الصعبة ثقتك وشرف المحاولة، واضعًا بين تفاعلك الكريم:
خبر الهدهد: زغرودة

عبد الحق هقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى