أحمد حلبي

أردوغان والتعديلات الدستورية

 

لم يكن وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، لإقرار التعديلات الدستورية في الاستفتاء الشعبي الذي أجري الأحد الماضي ، بأنه ” نصر لتركيا بأسرها ” وصفا غريبا ، فتركيا التي ظلت سنوات تترقب اقرار مثل هذه التعديلات منذ عهد الرئيس التركي تورغوت أوزال ، ونجم الدين أربكان المهندس والسياسي رئيس حزب الرفاه ، والذي تولى رئاسة الوزراء خلال الفترة بين عامي 1996 و1997 ، لكن أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم كان أول من طرحه بشكل عملي على طاولة النقاش وسعى لتفعيله بشكل قوي ، فالنظام الرئاسي الذي ينظر اليه الكثيرون يغني عن الائتلافات الحكومية الضعيفة بالعادة والمتأزمة دائماً في تركيا وهو ما جعل أردوغان يسعى صوبه بقوة ، وهو نظام يخرج حكومات قوية ومتجانسة تشكل استقرارا سياسيا واقتصاديا ، وهو ما كانت تعانيه تركيا منذ تسعينيات القرن الماضي ، فسجلت أزمات سياسية عدة ، وعانت البلاد من افلاس اقتصادي .
و” يرى حزب العدالة والتنمية الحاكم في النظام الرئاسي حلاً للمشاكل البنيوية التي يعاني منها دستور 1982 المطبق حتى الآن في تركيا، وتسريعاً لآلية اتخاذ القرار، وانعتاقاً من الائتلافات الحكومية السيئة السمعة في تاريخ البلاد، وخروجاً من ازدواجية السلطة التنفيذية التي تبدو حالياً برأسين، فضلاً عن الصفة الأبرز للنظام الرئاسي وهي الاستقرار السياسي ” .
وعقب اعلان النتائج خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مؤتمر صحفي عقده في إسطنبول ، متمنيا أن تكون نتيجة الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية التي تشمل الانتقال إلى النظام الرئاسي ، خيرًا من أجل تركيا وشعبها ، مشيرا إلى أن النظام الرئاسي سيدخل حيز التنفيذ مع الانتخابات المنتظرة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
واردوغان الذي انتصر قبل عام على مجموعة من أفراد الجيش التركي الذي قاموا بمحاولة انقلاب عسكري بهدف إسقاط حكومة العدالة والتنمية مساء الخامس عشر من يوليو / تموز 2016 ، افشل الانقلاب وانتصر على الانقلابين بجملته المشهورة «أننا قمنا بشراء السلاح للدفاع عن أرضنا وليس حمله في وجه بعضنا كما فعل الانقلابيون » .
واليوم يخرج أردوغان منتصرا مجددا ليس على انقلابيين أو أعداء لبلده ، لكنه خرج منتصرا للديمقراطية محققا ما عجز عنه السابقون من حكم رئاسي يجعل البلاد تحت مظلة حكم واحد يقوده رئيس الجمهورية .
فتركيا اليوم كما قال اردوغان ” اتخذت قرارا تاريخيا وأنهت الجدال المستمر منذ 200 عام حول نظام حكمها وهذا القرار ليس عاديا ” .
وتسمح التعديلات التي وافق عليها الشعب لرئيس الجمهورية بتعيين أكثر من نائب واحد له ، وتعيين الوزراء من بين الأشخاص الذين تتوفر لديهم شروط الترشّح للنيابة ، وإقالتهم بالإضافة إلى إعلان حالة الطوارئ التي يتعين في الوقت الحالي أن يوافق عليها البرلمان.
كما تنص على زيادة عدد النواب في البرلمان التركي من 550 إلى ستمائة نائب ، وخفض سن الترشح للبرلمان من 25 عاما إلى 18 عاما.
وتتضمن المواد الموافق عليها في اللجنة الدستورية إجراء الانتخابات البرلمانية في البلاد كل خمسة أعوام، وإجراء الانتخابات الرئاسية في اليوم ذاته.
وتشترط المواد أيضا أن يكون سن الترشح لرئاسة الجمهورية التركية أربعين عاما ، وأن يكون المُرشح من المواطنين الأتراك الحائزين على درجة في التعليم العالي ، كما تنص على إلغاء القانون الذي يقضي بقطع صلة رئيس الجمهورية المنتخب عن الحزب السياسي الذي ينتمي إليه.
وتُتيح المواد الجديدة فتح تحقيق مع رئيس الجمهورية استنادا إلى مقترح تطرحه الأغلبية المطلقة من إجمالي أعضاء البرلمان.
ومن أبرز التعديلات على الدستور التركي تتضمن
• رفع عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600.
• خفض سن الترشح لخوض الانتخابات العامة من 25 إلى 18 عام.
• تجري الانتخابات العامة والرئاسية في نفس اليوم كل 5 سنوات.
• يستخدم البرلمان صلاحيته في الرقابة والتفتيش والحصول على معلومات عبر “تقصي برلماني” أو “اجتماع عام” أو “تحقيق برلماني” أو “سؤال خطي”.
• عدم قطع رئيس الدولة صلته بحزبه.
• ولاية رئيس الدولة 5 سنوات، ولا يحق للشخص أن يتولى منصب الرئاسة أكثر من دورتين.
• المرشح الذي يحصل على أغلبية مطلقة في الانتخابات يفوز بمنصب الرئاسة.
• رئيس الدولة يتولى صلاحيات تنفيذية، وقيادة الجيش، ويحق له تعيين نوابه والوزراء وإقالتهم.
• يعرض الرئيس القوانين المتعلق بتغيير الدستور على استفتاء شعبي في حال رآها ضرورية.
• يحق للرئيس إصدار مراسيم في مواضيع تتعلق بالسلطة التنفيذية، لكن لا يحق له إصدار مراسيم في المسائل التي ينظمها القانون بشكل واضح.
• يعتبر المرسوم الرئاسي ملغى في حال أصدر البرلمان قانونًا يتناول نفس الموضوع.
• يحق للبرلمان طلب فتح تحقيق بحق رئيس الدولة ونوابه والوزراء، ولا يحق للرئيس في هذه الحالة الدعوة إلى انتخابات عامة.
• يحق للرئيس تعيين نائب له أو أكثر.
• تسقط العضوية البرلمانية عن النواب الذين يتم تعيينهم في منصب نواب الرئيس أو وزراء.
• يمكن للبرلمان اتخاذ قرار بإجراء انتخابات جديدة بموافقة ثلاث أخماس مجموع عدد النواب.
• يحق للرئيس إعلان حالة الطوارئ في حال توفر الشروط المحددة في القانون.
• تلغى المحاكم العسكرية، بما فيها المحكمة القضائية العليا العسكرية والمحكمة الإدارية العليا العسكرية.
• يحظر إنشاء محاكم عسكرية في البلاد باستثناء المحاكم التأديبية.
• رئيس الدولة يعرض الميزانية العامة على البرلمان.
• يلغى مجلس الوزراء (يلغى منصب رئيس الوزراء)، ويتولى الرئيس مهام وصلاحيات السلطة التنفيذية، بما يتناسب مع الدستور.
• تجري الانتخابات العامة والرئاسية المقبلة في 3 نوفمبر 2019.

أحمد صالح حلبي

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button