حمد الكنتي

“غوغل” يحفظ اسرارنا !

عندما بدأنا نستخدم الانترنت قبل سنوات كنا نستخدمه بفضول وتوجس وشغف وحذر ، فقد كان هذا الضيف الجميل غريبا لدى البعض ومحرما لدى آخرين ، وهكذا ظلت الآراء حوله متباينة ، حتى فرض وجوده بشكل تام وأصبح ركن من أركان الحياة العصرية .
ومما أتذكره من بداية حضور الانترنت للمملكة ، انه تم التخويف منه ووصفه بأنه بلاء وشر ومصدر لهدم الأسرة المسلمة ، وهكذا استمرت هذه النظرة السلبية المحضة له ، حتى نشأت فكرة الأسماء المستعارة التي سبق لي أن أفردتها بمقال نشر في صحيفة الشرق قبل أكثر من عام بعنوان
( الأسماء المستعارة صناعة وهمية لشخصيات مريضة ) .
وفكرت الأسماء المستعارة حتى وان دافع عنها البعض ، وضرب فيها أمثلة رائدة ، إلا أنها مع الزمن تسبب انفصام في شخصية الإنسان ، وشتات في عمق الذات ، ومما لا شك فيه أن اشد أنواع الكذب أن تكذب على نفسك .
واستمرت فكرة الأسماء المستعارة في تزايد وكان فيها إبداع متزايد ، حتى أصبحت ثقافة منتشرة ، فكان المنتدى يبتدئك بسؤال : ما هو اسمك المستعار ؟ .. حتى جاء (الفيس بوك) في عام 2008 وبدأ الناس في استخدامه بكثرة وشغف ، وكان الأهم هنا هو تخفيف ثقافة الاسم المستعار ، وظهر الغالبية في (الفيس بوك) بأسمائهم الحقيقية .
وهنا مجددا توجس الناس وقالوا بان (الفيس بوك) هو موقع إسرائيلي يريد ان يُحصّل معلومات عن العرب والمسلمين ، ولكن هذا التوجس كان خفيفا ؛ وذلك يعود الى أن الثقافة التقنية الاجتماعية طغت على تلك المخاوف ، أو أن (الفيس بوك) كان له سحره الفعال في قلوب مرتاديه .
ثم جاء (تويتر) بعد ذلك وكسر حاجز الخوف من إظهار الاسم الحقيقي ، بل انه تجاوز ذلك ليصبح المرجعية الأصيلة للشيخ ، واللاعب ، والفنان ، وصاحب القرار ، وأصبحت النوافذ الإعلامية المقروءة والمشاهدة والمسموعة تتسابق على اخذ الأخبار من تغريداته ، وصناعة الرأي العام من ( هاشتاقاته ) .
وأصبح الشخص العادي يجد تغريداته باسمه الصريح في الصحف والمجلات والبرامج التلفزيونية والإذاعية ؛ ليصبح الجميع متفاعلا مع الحدث ومشاركا برأيه في كل القضايا التي تدور من حوله .
ثم جاءت بعد ذلك طفرة التطبيقات في الأجهزة الذكية ، مثل (الواتساب واللاين) وغيرهم ، ومما يميز هذه التطبيقات أنها مجانية ، وأنها مرتبطة برقم الجوال – يعني تصل إلى كل معلوماتك- ولأنها مجانية .. قال فيها المدرب التقني محمد الأحمري : ( إذا كانت السلعة مجانية ، فأعلم انك أنت السلعة ) وعلل ذلك قائلا بان هذا صراع حول تلقي المعلومات ، وان أي موقع وأي تطبيق لا يسمح لك باستخدامه إلا بعد أن يعرف عنك كل شيء ويرسل لك رسالة إلى جوالك ليتأكد من صحة ما تقول .
وأنا كمتابع لهذا التحول المجتمعي من توجس في إعطاء المعلومة إلى السخاء التام بها ، أتساءل دائما : ما هو سر هذا التحول ! هل أصبح فريضة علينا وخصوصا بعد وجود التطبيق السحابي (جوجل درايف ) ؟ الذي ساهم في جعل كل أسرارنا في (جوجل) .
وبرهن على أن شركة (جوجل) قادمة في جعل إعطاء المعلومة كفرضية مهمة ، وحفظ الأرشيف قضية لها أهميتها وحضورها في عالم يضج بالتقنية ، ويفاجئنا كل يوم بتطور فريد جديد .
حكمة المقال
طغت علينا العولمة ولن نستطيع الفرار منها خصوصا ان الإنترنت لم يعد مقتصرا على الترفيه وانما اصبحت كل حياتنا المعاصرة تقوم عليه في اساسياتها وكمالياتها . #حمد_الكنتي
حمد عبد العزيز الكنتي

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button