الثقافية

الدكتورة أماني الغازي في لقاء الصالون الأدبي بجدة

 

 

مكة-سماء الشريف- جدة

أكدت الدكتورة أماني الغازي أستاذ مشارك بكلية الآداب قسم التاريخ بجامعة الملك عبدالعزيز في لقاء الصالون الثقافي النسائي بأدبي جدة، بأن” ماه بيكر كوسم” من أشهر حريم الأسرة العثمانية على الرغم من اسمها ماه بيكر وفقاً لعادات وتقاليد الأسرة العثماني, ويعني ضوء القمر, إلا أنها عُرفت عموماً باسم “كوسم سلطان” وقد ورد اسم ماه بيكر في أغلب المصادر العثمانية التاريخية عند الحديث عنها, ونالت هذا الاسم لجمالها وظرفها وذكائها, أما عن اسم كوسم والذي شاع استخدامه في القصر السلطاني, فهو يشير إلى مطامحها في الرئاسة والقيادة وحكمها العادل.
ومن المحتمل أن ولادتها تصادف عام 988هـ / 1589م, ووصولها ودخولها إلى القصر الثماني في حدود عام 1018هـ / 1609م- 1610م, جذبت انتباه السلطان أحمد الأول, عقب توليه العرش بعد وفاة والده السلطان محمد الثالث, وتفوقت على حريم القصر, فتزوجها السلطان, وقد لمع نجمها أكثر عقب ولادة ابنها مراد ثم إبراهيم, وأخيراً ابنها قاسم, وانجبت من البنات فاطمة وعائشة, وبذلك زاد نفوذها.
بعد إصابة السلطان أحمد الأول بمرض الحمى المميت, بدأت “ماه بيكر كوسم سلطان” القيام بنشاطات مختلفة لإعداد أولادها لتولية الحكم، اقتربت من كبار رجال الدولة لكسب تأييدهم ودعمهم, وعقب وفاة زوجها السلطان أحمد في 23 ذو القعدة 1026هـ/ 23 نوفمبر 1617م, قامت كوسم سلطان بدور كبير في تنصيب الأمير مصطفى شقيق السلطان أحمد الأول على عرش السلطنة بدلاً من الأمير عثمان أكبر أبناء السلطان أحمد الأول، لم تدم سلطنته كثيراً؛ إذ خلُع وجاء بعده النجل الأكبر للسلطان أحمد الأول وهو عثمان الثاني.
أقامت كوسم سلطان في القصر العتيق(إسكي سراي) خلال حكم السلطان مصطفى والسلطان عثمان الثاني, وانشغلت بتربية أولادها وإعدادهم للسلطنة. وبعد فترة قصيرة لم تدم أكثر من خمس سنوات خلع السلطان عثمان الثاني, ثم قتل إثر مؤامرة غادرة, فانفتح الطريق أمام الأمير مراد لتولي الحكم في 15 ذو القعدة 1023هـ / 9 سبتمبر 1623م, فانتقلت كوسم سلطان إلى طوب قابي سراي ضمن مراسيم خاصة ورسمية وفخمة بصفتها والدة السلطان مراد الرابع الذي كان في الثانية عشرة من العمر عند ارتقائه العرش. وغدت صاحبة السلطة في الدولة العثمانية لمدة عشر سنوات, وبعد وفاته تولى ابنها الثاني ابراهيم الذي كان مصابا بمرض ” الشقيقة ” الذي جعله عصبياً دائماً لا يستطيع القيام بعمل أي شيء, مما أدى إلى تصاعد مسؤولية كوسم سلطان, حيث بدأت تمسك إدارة الدولة بيدها مرة أخرى, ومع حبها للحكم والسياسة, تميزت بالخبرة والمعرفة والحنكة السياسية, فنجد أنها عالجت كثيراً من مشاكل الحكم والإدارة بشخصية قوية وعقل مفكر, فمثلاً استطاعت أن تقضي على تمرد للانكشارية في عهد ابنها السلطان مراد الرابع, حينما لم تدفع لهم العطايا المتبعة نظراً للقصور المالي في خزينة الدولة, فأمرت الصناع بأخذ مقدار من الأواني الذهبية والفضية من القصر السلطاني وصهرها لتحويلها إلى نقود منحتها للانكشارية , وبذلك قضت على تمر اعتادوا عليه.
كان التقليد السائد في البلاط العثماني يقرّ انتقال والدة السلطان المتوفي أو المخلوع إلى القصر العتيق الكائن في منطقة بايزيد, وعلى سحب يدها من شؤون الدولة, حيث تأخذ مكانها وصلاحياتها والدة السلطان الجديد, ولكن كوسم سلطان لم تفعل ذلك, إنما بقيت في طوب قابي سراي كجدة السلطان الجديد محمد الرابع ذو السبع أعوام؛ إذ أصبحت صاحبة السلطة في القصر, وواصلت تدخلها في شؤون الدولة في السنوات الأولى من حكم حفيدها. بينما كانت خديجة تورخان سلطان والدة السلطان محمد الرابع شابة وعديمة التجربة , فلم تتمكن من الوقوف أمام رغبات كوسم سلطان التي لقبت ب ” الوالدة المعظمة”.
عندما استاءت خديجة تورخان من تدخلات الجدة وظفت أحد الحراس للتخلص من كوسم, فتوجه مع فرقة من جنوده إلى جناح الجدة العجوز, وما أن وقعت عيناه عليها حتى قتلها في غرفتها بدائرة الحريم في 16 رمضان 1061هـ / 2 سبتمبر 1651م, وقد دفنت داخل ضريح زوجها السلطان أحمد الأول الكائن في أحد أركان جامع السلطان أحمد.
اختتمت الأمسية بالعديد من الأسئلة والمداخلات طرحت من سهى سعيد، د/ سحر السبهاني، الهام قشلان، م/ جواهر القرشي، نورة كردي، د/ سعاد جابر، إنجي الصبان، فاطمة الغازي، مزين حقي، ناهد زواوي، كانت هذه الأمسية نهاية فعاليات الموسم الثقافي للصالون الثقافي النسائي 2016- 2017م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى