المقالات

تحقق الرؤية

 

يعيش الجيل الحالي دفقات النعيم الذي يحده راتب معلوم آخر الشهر أو منجز تجاري ، وفي كل الأحوال تجري عجلة الزمن بنا مرددين العبارة الشهيرة “أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب” ، ومع تزايد درجات الوعي للمواطن الذي أصبح مفتيًا وعالمًا ذريًا واقتصاديًا وسياسيًا ووووو ، أصبح التطلع لما خلف المدركات أمرًاضروريًا ، فنبّش -العالم والاقتصادي والسياسي ووو- عن مصادر دخله ، فتسرّب القلق إلى نفسه الشفافة اللطيفة ، فعلم أن النفط موردًا ناضبًا ، وأن المياه شحيحة ، وأن المخاطر محدقة به ، فتقوقع على نفسه ودبّ اليأس إلى دواخله ، فأخذ يعيد حساباته ، وعدد أفراد أسرته ، وترك احتساء قهوة الصباح ، واقتصرت وجباته على اثنتين بدلًا من أربع ، واقتصر على ثوب واحد لمدة أسبوع ، وقلل من ساعات النوم ، وفكّر في عمل إضافي ، كل ذلك بسبب رسالة “وتس آب” ، مفادها أن المخزون ينفد والإفلاس قادم لكثير من المؤسسات لا سيما صندوق التقاعد ، وزاد من البلل والطين مقابلة الشريان مع بعض الوزراء الذين عمقوا جراح المواطن بتهم كيلت له جزافًا وظلمًا ، حيث أتهم بأن إنتاجيته في اليوم لا تتجاوز الساعة ، فاجتمعت الخصوم على المواطن المغلوب على أمره . فوقع بين مطرقة المسؤول وسندان الحياة وكدها ، وعقّد الأمور أكثر وأكثر مسألة الرؤية التي ذهب فيها الناس مذاهب شتى ، ولكن سحابة الصيف عن قليل تقشع ، فخرج ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان فبدّد المخاوف ، وبعث الأمل من جديد ، حيث اشتمل حديثه على ركائز وقناعات مقنعة جدًا للعارف قبل الجاهل ، فكانت كلماته بمثابة الغيث الذي انتظرته الأرض العطشى ، ولم يقتصر حديثه -حفظه الله – على السياسة الداخلية ؛ بل أرسل زمجرته لمن هم وراء الحدود محذرًا إياهم من اللعب مع المملكة ، فكانت هذه المقابلة ضربة موفقة ، اطمئنان للمواطن ، وردع للأعداء .

د. نايف بن عبدالعزيز الحارثي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ” تشبحت ” في المقال جيدا ، فوجدته مقالا يستحق القرآءة .. شكرا لبوحك ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى