إذا زينت للناس قيمة السياحة الداخلية، ثم حزمت حقائبي إذا حل الصيف فتناهبني ولع المشرقين والمغربين، ثم استوقفني واحد من الناس معاتبا كيف آمر الناس بالبر ولا أفعله، فقد وضعني في قفص الكذابين وهو صادق، وأدانني بكل المحاذير التي نثرتها أنا حول السياحة الخارجية من محاذير تمس الوطنية والغيرة والعقل وسواها.
وإذا حرصت على دعوة الناس لنبذ المبالغة في مظاهر حفلات الزفاف، ثم زوجت ولدي فأقمت حفلة أسطورية، وإذا تطاير مني زبد الشدقين وأنا أحذر من المفطحات وسائر أشكال البطر في الضيافات، ثم طفقت مثل المجنون، انتقي من كل سمينة أسمنها فذبحت وسلخت وطبخت وأنشأت على الصحون جبالا من دهن ونشأ، ثم استوقفني أحد المدعوين معاتبا كيف آمر الناس بالبر ولا أفعله، فقد وضعني في قفص الكذابين وهو صادق.
السياحة الداخلية ونبذ المبالغة في الحفلات والاسراف في الضيافات جميعها مطالب عادلة، وغيرها كثير، كل فعل يرتقي بسلوكنا لمرتبة الانسان فهو مطلب عظيم، وكل فعل يهذب الوحش القابع في دواخلنا فهو مطلب عظيم، وكل فعل يألفه العقل فهو مطلب عظيم، لكنه يكون أعظم عندما ندرجه في سلوكنا إدراجا، قبل أن نجعله حلية تزين خطاباتنا الكاذبة، علينا أن نحترم مبادئنا فنمتنع، أو نحترم كلامنا فنستتر.
محمد بن ربيع الغامدي
السياحه الداخليه بالذات تحتاج لوقفه فشأنها كالمستجير من الرمضاء بالنار.