المقالات

مواد كيميائية خطرة تعيش معنا

 

العيادة البيئية الشاملة

منتجات منزلية كثيرة تحتوي مواد ممرضة قد تكون مسرطنة أو سامة تؤذي صحتنا وبيئتنا، فعبوات بعض المنظفات المحلية تخلو من ذكر المركبات الكيميائية التي تحويها تلك العبوات، وكذلك غياب التدقيق المخبري لها لمعرفة صحتها -إن وجدت-
فالمواد الخطرة لا توجد فقط في البيئة الخارجية بل أيضا في ما تسمى بالبيئة الداخلية كالمنزل أو المكتب أو السيارة أو أي مكان مغلق يرتاده الكائن الحي من إنسان أو حيوان أو نبات، والتي يفترض بأن تكون بيئة نظيفة وآمنة. فقد بينت التجارب بأن كلاًّ منا نحن المستهلكين، يستطيع تقليص الخطر البيئي والصحي الجاثم علينا، من خلال فهمنا للمخاطر الكامنة في المواد المتواجدة في البيئة الداخلية وأهمها منازلنا. والتي نستخدمها في حياتنا اليومية والتي قد يترتب عليها عواقب صحية وبيئية خطيرة؛ علما بأنه لا يخلو بيت من مواد التنظيف الكيميائية بأصنافها المختلفة ومواد المبيدات الحشرية ومواد التعقيم، والتي تهدف بحسب منتجيها، إلى جعل عملية التنظيف والتعقيم في منازلنا أكثر سهولة. لكن، يجب ألاَّ ننسى بأن مواد التنظيف والمبيدات والمعقمات تحوي مركبات كيميائية مختلفة قد تتسبب في إيذاء صحتنا والبيئة المحيطة بنا.
وتتأثر البيئة المنزلية من عوامل فيزيائية إشعاعية أو كيميائية أو بيولوجية. تحوي العديد من المنتجات المنزلية الخاصة بالكبار والصغار مواد كيميائية قد تكون خطرة لا نعرف مدى خطورتها فقد تؤذي صحتنا، ومن هذه المنتجات على سبيل المثال: السلع الخاصة بالنظافة الصحية كالصابون والشامبو ومعجون الاسنان وغيرها، الأغذية المصنعة وأوعية حفظها، ومواد التنظيف. إن الاستعمال اليومي لهذه المنتجات يعرضنا لمركبات كيميائية خطرة تمتصها أجسامنا من خلال التنفس أو الجلد أو البلع. وتضم قائمة الكيماويات الخطرة المنتشرة في منازلنا مواد مثل كلوريت الصوديوم، البِنْزِين المسرطِن، الألومنيوم (في المعطرات)، الرصاص (في دهانات الجدران وغيرها)، الزئبق، الكادميوم وغيرها.
وتحوي المواصفات والمعايير السعودية الخاصة بالمواد الكيميائية التجارية المستعملة في منازلنا ثغرات عديدة؛ إذ بالرغم من أن بعضها يفرض قيودا على تركيز المركبات الخطرة في مواد التنظيف على سبيل المثال، ويمنع بعضها الآخر استخدام مواد خطرة معينة ويحظر وجودها ضمن تكوين المنظفات، إلا أن بعض المركبات الخطرة المتواجدة في الأسواق، لم تحدد تجاهها قيود واضحة في الاستعمال، أو حتى منع تسويقها واستخدامها. هذا ناهيك أن عبوات بعض المنظفات المحلية تخلو من ذكر المركبات الكيميائية التي تحويها تلك العبوات. علما بأنه وفقا للمعايير الدولية المتبعة، يجب ذكر ليس فقط المكونات بشكل عام في بطاقة البيان، بل أيضا إبراز المركب الكيميائي الغالب في المادة، وتحديد مدى خطورته باعتباره ساما جدا أو ساما أو يتسبب في تآكل المواد، أو في أذى صحي فاستنادا لنوع خطر المادة يتم تصنيف المادة التجارية التي يتم تسويقها. كما لا بد من ذكر اسم والتركيب الكيميائي للمركب وتركيزه، وتضمين هذه المعلومات في الوثيقة المعروفة بنشرة الأمان للمادة المراد تسويقها. وبطاقات البيان الملصقة على عبوات المواد الكيميائية المنزلية يجب أن تتضمن المخاطر الصحية والبيئية الكامنة في تلك المواد، والتصنيف الكيميائي لتلك المواد الخطرة؛ بمعنى هل تتسبب مادة معينة بحروق أو بحساسية أو بحكة، أم هل المادة قابلة للاشتعال، مؤذية أو سامة وما إلى ذلك. كما يفترض أن تكون الجمل الخاصة بمخاطر المادة وبتلك الخاصة بنواحي الآمان؛ أي تلك التعليمات الخاصة بالإجراءات الواجب اتباعها في حال أن المستهلك تضرر من المادة المستعملة- يفترض أن تكون واضحة على عبوة السلعة.
والسؤال المطروح: هل تفحص مؤسسة المواصفات والمقاييس السعودية والجهات المعنية الأخرى (وزارات التجارة والصحة وغيرها) مدى تواجد كل هذه المعطيات على السلع الكيميائية، فضلا عن التدقيق المخبري لمدى صحة أو مصداقية المعطيات المذكورة على العبوات أو على نشرات الشركات الخاصة بتلك السلع ؟
خاصة من السلع الرخيصة من مستحضرات تجميل ملابس وأقمشة مصبوغة بالمواد الكيميائية للنساءوالأطفال وألعاب أطفال وغيرها فهل أصبحت هذه المواد الكيميائية جزءا لا يتجزأ من حياتنا التي؛ نعيشها ولا يمكن ان نعيش بدونها ؟؟؟؟
د. فهد عبدالكريم تركستاني

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button