همسات الخميس
بعد تنامي المدارس الدينية، وشيوع الشريط الدعوي، وانتصارات المجاهدين الأفغان، ومشروع الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله لمساعدة راغبي الزواج، نضجت في بلادنا حالة من العودة الحميمة للتدين، ولما لم تكن الحالة السائدة قبلها خارجة عن الدين فقد أطلق على تلك العودة وصف الصحوة، وبها تلونت عقود من حياتنا يمكن القول إنها بدأت بعد عام 1975م.
كنا نحن الآباء وما زلنا حتى هذه الساعة نفرح عندما نرى أبناءنا يتسابقون على الطاعات، يبيتون لربهم سجّدا وقياما، يكسرون حدة الخيلاء بثياب لا ذيول لها، يمشون على الأرض هونا، يكرسون لشخصية المسلم بلحى تنسدل على صدور ليس فيها إلا القرآن والكلم الطيب، يزهدون في المباحات التي يمكن صرف وقتها فيما هو أعظم نفعا وأجرا.
مع تنامي الصحوة أصابها عمى الحماس فوقعت في فخ الأثَرَة، وكان من مظاهره: ذلك التشرنق الذي حال بين شبابها وبين محاولة فهم الآخرين، وذلك التنظير الذي قاد الى تصنيف الآخرين، في المجتمع ومؤسساته، ثم في الشارع البسيط، ثم في البيت أخيرا.
بالغ المبالغون في تفسير الصحوة فشرقوا بها وغربوا، لكنها لم تكن سوى استجابة لمؤثرات محلية جاء بعضها في فاتحة المقال، وقد ابتلعها الحماس حينما زان قطافُها فأتلف قطافَها وربما أهداه لمن لا يستحقه، والان على من يهمه أمرُها أن يراجع أمرَها.
محمد بن ربيع الغامدي