تـأتي هذه الذكرى بعد قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، لتكون الذكرى السابعة والعشرين لها، في من خلال وحدة جغرافية بين شطري اليمن ومن خلال نظام سياسي آمن بالتعددية والشراكة السياسية مع كافة المكونات التي نشأت كثمرة من ثمارها، ملتزمة بأصالتها وتجسيدها لليمن الحديث أرضا وشعبا عربية اللغة إسلامية الدين تعتز بانتسابها إلى الامة العربية والإسلامية وكونها لبنة اساسية لتحقيق الوحدة العربية والإسلامية وحصولها على الرعاية من دول الخليج والعالم العربي لضمان استمراها وحمايتها، لتخلص الشعب عما كان يمارس في النظاميين السابقين من أقصاء وتعصب وعنصرية وضمان ذلك في دستورها.
ولأن النظامين السابقين لم يتحررا من العقلية التي كانا يحكمان البلدين بها ظهر الصراع بينهما وخاصة عندما حاول نظام الشمال تهميش نظام الجنوب شريكه في الوحدة ومحاولة إزاحته تدريجيا من المشهد السياسي بالطرق الناعمة والخشنة بمختلف أنواعها مما أدى إلى الصراع المسلح لجيشي النظامين الذين لم يكتمل اندماجهما بعد انتقل إلى الصدام المسلح بينهما، مما دفع نظام الجنوب – بعد اغتيال الكثير من قياداته من قبل نظام صالح – إلى محاول فض الوحدة والعودة إلى التشطير، للتخلص من نظام صالح الذي كان يسعى إلى جعل اليمن دولة لأسرته تحكمها إلى يوم الدين عبر تقليص دور الأحزاب والاستئثار بالنظام بحجة المحافظة على الوحدة، وإدارة البلد بأساليب العصابات.
فقامت حرب 1994 بين بقايا نظام الجنوب ونظام الرئيس المخلوع صالح مستغلا كل إمكانية اليمن للانتصار في الحرب بمساعدة الاحزاب الأخرى للمحافظة على الوحدة والدفاع عنها والوقوف ضد الشريك الذي يريد أن يتخلص منها، وما نتج عنه من نهب كل شيء فيه فسرح جيش الجنوب، ثم نهب كل مؤسساته وأراضيه. فأزداد وضع اليمن سوء. وفي اوائل 2003م شكلت الاحزاب اليمنية ائتلاف اللقاء المشترك كتكتل مكون من الأحزاب السياسية المعارضة لنظام صالح للوقوف ضد نظام التوريث الذي ينسف الوحدة الوطنية، وتلاها في 2007 م قيام الحراك الجنوبي ، وبدا اوضاع اليمن تتدهور إلى جاءت ثورة الشباب السلمية في فبراير 2011م فزاد نظام صالح شراسة وازداد الشباب إصرارا على التغيير، ولم يثنيهم القتل والتعذيب، إلى أن تدخلت المملكة ودول الخليج بالمبادرة الخليجية والحوار المشترك، وتخلي صالح عن الحكم والحصول على العفو العام عن كل جرائمه من شعب اليمن الطيب، وتولي الرئيس عبد ربه منصور هادي الحكم عبر انتخابات نزيهة غير معهودة، واجتماع الاحزاب اليمنية في حوار وطني وضعا دستورا للحكم وقسم اليمن إلى ستة أقاليم، ولكن نظام صالح عندما ترك الحكم كان نظامه شريكا في إدارة اليمن فاستغل كل امكاناته لتدمير اليمن وإفقار شعبها، والقضاء على كل مكتسباتها السياسية.
واستطاع نظام صالح الاجهاز على اليمن وتدمير بنيته التحتية، مستغلا الجماعات الإرهابية التي كانت بالسر تتبع نظامه وكان قادة القاعدة من كبار ضباط نظام صالح، كما أن جماعة الحوثي كانت من صنيعته وإن كان قد خاض ضدها ستة حروب أستفاد منها في التخلص من القاعدة العسكريين الذين شعر بأنهم يشكلون خطرا على نظام الحكم الأسري الذي كان يسعى لتمكينه فكان بالظاهر أمام الخليج والمجتمع الدولي أنه يحارب الحوثيين وفي الباطن كان يدعمها بالسلاح بمختلف أنواعه عبر أبنه أحمد علي الذي كان يعده ليخلفه في حكم اليمن.
وأخيرا قام بانقلاب في 23 سبتمبر 2014 عبر الحوثيين ومكنها من السيطرة كل مؤسسات الدولة ومقدراتها وسمح لها بنهب معظم معسكرات الدول وأقام تحالفا معها ، وحاصر رئيسها الشرعي الرئيس عبد ربه منصور هادي، ومكن لإيران من الدخول في اليمن واحتلاله عبر الحوثيين، مما جعله الرئيس يفر إلى عدن، فهاجم صالح المحافظات الجنوبية مع الحوثيين وعبث فيها بالتدمير، وحاصر عدن لقتل الرئيس مما جعله يلجئ إلى المملكة العربية السعودية ويطلب منها التدخل فلبت المملكة ذلك بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بإقامة التحالف العربي في مارس 2015 ، وكذلك التحالف الإسلامي في المنطقة في ديسمبر 2015، لإعادة الشرعية إلى اليمن والمحافظة على وحدته عبر عاصفة الحزم ثم إعادة الأمل. ومكنت الشرعية من استعادة ما يقارب من 80 في المائة من مساحة اليمن.
مما جعل نظام صالح يقوم بتحريك المشاريع الانفصالية والطائفية مدعوما من الخارج من بعض الدول لتحويل اليمن إلى عراق آخر للصراع. ولأن قادة المملكة العربية السعودية يقومون بدور ريادي بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وأنها في مستوى التحدي الذي تواجهه المنطقة والأمة الإٍسلامية. وقد أتضح دورها من القمم الثلاث الأخيرة القمة السعودية الأمريكية، والقمة الخليجية الأمريكية، والقمة العربية الإسلامية الأمريكية في21-22 شعبان 1438.
وأنتهى الأمر بأن أكدت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية على ضرورة العمل على حل الأزمة اليمنية ، واحتواء تدخلات إيران في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وتأتي هذه الخطوة التي قامت بها المملكة متزامنة مع الذكرى السابعة والعشرين للوحدة اليمنية لتؤكد أن الوحدة اليمنية ستبقى وإلى الابد إن شاء الله رغم محاولة الانقلاب الأخيرة التي قام بها عيدروس الزبيدي ومن معه.
وفي هذه المناسبة ننقل عن الشعب اليمني وقيادته الشرعية الشكر والتقدير لكل الجهود الأخوية التي تقوم بها اليمن في إعادة شرعيتها ودعم شعبه في الداخل واستضافة اللاجئين فيها وتقديم كل التسهيلات في الإقامة والدراسة والعمل. وهذا ليس بغريب على المملكة العربية السعودية والتي كلل كل دعم تقدمه لليمن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود قائد الأمة العربية والإٍسلامية، وعبر تعاونه مع الولايات المتحدة الامريكية ومن خلال البيان المشترك بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود والرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيث اتفقا على التعاون الوثيق القائم بين البلدين لضمان المحافظة على الأمن البحري بما في ذلك حماية الملاحة في الممرات المائية الدولية المهمة وخاصة باب المندب ومضيق هرمز، هذا بالإضافة إلى ما تقدمه المملكة من مساعدات إغاثية وإنسانية إلى الشعب اليمني.
عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام – جامعة أم القرى
سلمت دكتور على سردك لمثل هذه الحقائق ، دمت ودام لنا قلمك أستاذي .