لفت انتباهي مقال للكاتب فهد عامر الأحمدي بعنوان “لماذا لم تصبح أمريكا دولة شرق أوسطية”
للأمانة فقط أقول لكل من قرأ المقال أنا عشت في سوريا لسنوات طوال، وكانت دمشق وسوريا أجمعها مثالا التسامح والتعايش الفكري، كجميع الدول العربية، جمعت كل الطوائف السنية، والدرزية، والجعفرية، واليزيدية، والدرزية، والشيعية بجميع فريقها، بالإضافة إلى المسيحية، وحتى اليهودية. وكان الجميع يعيش بسلام وتراحم وتكافل جيرانا وأصدقاء وزملاء وأنسباء فالكثير منهم تزوج من غير طائفته. كانوا يتزاورون ويهنئون بعضهم في المناسبات الاجتماعية والدينية لكل فرد حقه في الحياة الكريمة والتعليم والعمل. إلى أن نشبت أظافر الفتنة في أعناق الشعب المقهور . وهذه الفتنة لمن يستطيع قراءة الأحداث ليست وليدة اللحظة كما يتصور البعض فما الربيع العربي سوى مؤامرة عظمى حُشد لها أسافلة الرجال تحت مسمى الدين وأُنفق عليها الأموال الطائلة، وخطط لها بدقة لسنوات طويلة إلى أن حانت ساعة الصفر وانطلقت صافرة البدء بالدمار الشامل الذي لا يرحم و “ازدهر الربيع” المشبوه في العواصم العربية وعلى الرغم من اشتعال فتيله في تونس إلا أنه لم يحل بها ما حل بسوريا من فتنة ودمار. فالخطة المحكمة تقتضي بأن يشتعل الفتيل في المغرب، وكانت هذه هي المهمة الوحيدة لتونس، ليستعر اللهيب في المشرق وفي سوريا تحديدا. فسفكت الدماء وأزهقت الأرواح واستبيحت الأموال والأعراض.
القاتل والمقتول يعلم بأن هناك مؤامرة كبرى وأيدٍ خفية تؤجج النار. لكن لا يستطيع عقل متفكر و لا فكر متدبر ان يوقف سُعار القتل ولا ان يقضي على طاعون الدمار ، فالمؤامرة أعظم من أن تستحقها أيد ٍ عزلاء وأخبث من أن تتصدى لها صدور عارية. فتغلبت أصوات الكلاب النابحة بالدمار على صوت العقل و الحكمة.
كل الجماعات الإرهابية لديها قدرات خارقة على الحرب والتخطيط والتكتيك استراتيجياتها خيالية وخططها محكمة ومن غير المعقول أن “شوية زعران” ادعوا الإسلام وأسسوا جماعات متعطشة للدماء ، ان يمتلكوا كل هذه الإمكانيات الحربية والمادية دون تدريبات احترافية ومتطورة مسبقة.
لم نسمع يوما بأن دولة مسلمة قطعت رأس نصراني لأنه لم يسلم أو اضطهدت طائفة معينة دعونا من تلك الأبواق المأجورة والأفواه النتنة التي لا تنطق إلا بالكفر .
إذا فالمسألة ببساطة إن أردنا الإجابة على سؤال الكاتب” لماذا لم تصبح أمريكا دولة شرق أوسطية” سيكون الجواب لأن الدول العربية لا تصدر الإرهاب ولا تزرع الفتن، و لا مطمع لأي دولة عربية في أمريكا سوى نشر الإسلام والذي بحمد الله بدأ ينتشر من غير فتوحات.
هنا تظهر مأساتنا الحقيقية بأننا لا نرى محاسننا فنطورها، بل نركز على مساوئنا الصغيرة حتى تتعاظم و تصبح قنبلة موقوتة. مازلنا نرى أمريكا قدوتنا على الرغم من العنصرية الكبيرة المنتشرة وآلاف المشردين في الشوارع والتفكك الأسري والانحلال الأخلاقي وانعدام القيم.
مازالنا بخير و مازالت عروبتنا حية لكنها تصارع الموت المحيط. مازال حبل الفتنة يلتف على رقبتها كثعبان متعطش لا يشبع من الأموال العربية.
د . أمل أبو خليل