المقالات

 المساجد التاريخية في مكة المكرمة (1-2)

        في مكة المكرمة الكثير من المساجد التاريخية والأثرية، منها ما هو معروف تاريخه وسبب بنائه، وبعضها يظهر أنه حدث في عصور تاريخية متأخرة ولكنه بني على أساس روايات تاريخية، كمجسد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ومسجد خالد بن الوليد، وغيرهما. وكان من أوائل المساجد التي شيدها الملك عبدالعزيز مسجد النقا بمكة المكرمة الذي شيد عام 1346ﻫ، ونحن هنا سنقدم طائفة من تلك المساجد التاريخية مع ذكر شيء موجز عنها.

مساجد الراية

  المساجد التي تسمى بهذا الاسم في مكة المكرمة ثلاثة : المسجد الأول يقع في الجودرية أمام عمائر الجفالي، وهو يقع على يمين الصاعد من المدعى إلى المعلا، وبين المسجد والبيوت التي قبله زقاق صغير نافذ إلى الطريق العام، وبئر جبير بن مطعم واقعة في هذا الزقاق بناه عبدالله بن العباس بن محمد بن عبدالله بن العباس وكان موقعه في صدر الإسلام قريباً من سور مكة المكرمة الشمالي عند بئر جبير بن نوفل.

سمي هذا المسجد بمسجد الراية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، ركز في موضعه رايته، يوم فتح مكة المكرمة في السنة الثامنة من الهجرة، وصلى فيه أيضا .

       
وقال الأزرقي، مسجد الراية مسجد بأعلى مكة عند الردم عند بير جبير بن مطعم يقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه، وقد بناه عبدالله بن العباس بن محمد بن عبدالله بن عباس.

       
ويقول ابن ظهيرة :” مسجد الراية بأعلى مكة عند الردم وهو المدعى، عرفه الطبري بمسجد الراية ويعرف بذلك إلى وقتنا هذا وبجانبه الآن منارة تعرف بمنارة أبي شامة.  يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى فيه .

        هذا ولقد رمم هذا المسجد زمن المعتصم العباسي سنة 640ﻫ، وكذلك في ظل الحكومة السعودية تم أيضا تعميره  .

  أما المسجد الثاني من مساجد الراية، فهو المسجد الذي بني في موقع الراية التي غرزها يوم فتح مكة المكرمة قيس بن سعد بن عبادة أو الزبير بن العوام على اختلاف بين المؤرخين. وكان موقع هذا المسجد بالمعلاة أمام مبنى البريد المركزي .

 
أما المسجد الثالث من مساجد الراية، المسجد الذي بني في موقع الراية التي غرزها خالد بن الوليد يوم فتح مكة المكرمة في حارة الباب على يمين الخارج من مكة المكرمة.

مسجد الإجابة ” مسجد قنفذ “

  مسجد الإجابة يقع بحي المعابدة حالياً، إلى الشمال الشرقي من مبنى إمارة مكة المكرمة، ومبنى شرطة مكة المكرمة، وعلى يسار الذاهب إلى منى، وبانحراف قليل عن الطريق العام، في شعب القنفذ، كما سماه الأزرقي، حيث قال : “هو شعب آل قنفذ نسبة إلى قنفذ بن زهير من بني أسد بن خزيمة. وقد عرف قديماً بشعب ازاخر .

  
والمسجد من أقدم بيوت الله بمكة وكان يوجد قبل القرن الثالث الهجري ويقال:إن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى فيه. وتشير معظم الروايات التاريخية إلى أن المسجد كان متواضع البنيان.

       
وقد أعيد تعميره وترميمه عدة مرات وبشكل بسيط، كان من أهمها تجديد عمارته ثلاث مرات في العصر المملوكي في أعوام (720ﻫ) و(831ﻫ)و (898ﻫ)، وكذلك في العصر العثماني، والتي من أهمها تجديد عمارته في أعوام (1124هت) و(1170ﻫ)و(1234ﻫ)
.

  
وفي العهد السعودي، رمم المسجد عدة مرات في عامي، 1385 و 1391ﻫ، ثم أعيد بناؤه عام 1398ﻫ، ورمم أيضاً بعد ذلك في عام 1412ﻫ ومساحته الحالية لا تزيد عن 400 م2، وقد أثبتت بعض أعمال التجديدات في هذا المسجد في لوحين من الرخام على جانبي المحراب، أحدهما مؤرخ عام 898ﻫ، والآخر عام 1124ﻫ .

مسجد الجن (مسجد الحرس )

  يقع مسجد الجن، بين الشارع المؤدي لمقبرة المعلاة السفلي وبين شارع المعلاة بمكة المكرمة ويقابله مواقف السيارات ذات الطوابق المتعددة، سمي بذلك لاجتماع النبي صلى الله عليه وسلم في موضعه بالجن ليلاً، وذكرت المصادر بأنه المكان الذي اختطه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عندما اجتمع عليه الصلاة والسلام بالجن.

       
وعرف المسجد باسم مسجد الحرس أيضاً، وفي تعليل ذلك يقول الأزرقي : سمي بهذا الاسم لأن صاحب الحرس أو العسس كان يطوف بمكة المكرمة، حتى إذا انتهى إليه ويقصد المسجد، وقف عنده ولم يجزه حتى يتوافد عنده عرفاؤه وحراسه، يأتون إليه من شعب بني عامر وثنية الحجون، فإذا توافدوا عنده رجع منحدراً إلى مكة المكرمة، ” يقصد وسط المدينة “. وهكذا جاء الأزرقي رحمه الله بتعليل تسميته بمسجد الحرس، ولقد تعارف أهل مكة المكرمة على تسميته أحياناً بهذا الاسم .

      
  ولا شك أن المسجد كان معروفاً قبل النصف الأول من القرن الثالث الهجري، أي قبل ما دونه الأزرقي عن المسجد في ” أخبار مكة المشرفة “، ومرت عمارة المسجد بعدة أدوار، وذكره العديد ممن كتبوا عن مكة المكرمة، ومنهم القطبي، فنقل ما ذكره الأزرقي، وحدد موضع المسجد، ويفيد القطبي أن المسجد كان متواضع البنيان على أيامه في نهاية القرن العاشر الهجري. وأشار إليه هيكل في “منزل الوحي” في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، أن المسجد هذا من طراز متواضع للمساجد التاريخية بمكة المكرمة 

ومسجد الجن من المساجد التي أولاها الملك عبدالعزيز جل عنايته واهتمامه وقد جددت عمارة هذا المسجد مؤخراً.

       
ومسجد الجن حالياً، وبعد عمارته الأخيرة سنة 1421ﻫ، أصبح بناء جيداً ومصمماً وفق التنظيم المعماري الإسلامي المميز، وقد أقيم في موضعه التاريخي، حفاظاً على التراث الإسلامي، ويشغل مساحة متواضعة لا تتجاوز مساحته عن 600م2، وفي منطقة تزاحم الحجاج في أثناء الموسم.

أ.د. اسماعيل خليل كتبخانة

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى