أ.د. عبدالله عيضة المالكي

إحذر جهل الذين ينادون بالاكتفاء بالقرآن عن السنة

 

تسربت فكرة إنكار السنة جملة وتفصيلا في القرن الثالث عشر الهجري إلى بعض البلدان العربية وغير العربية من خلال الدراسات الاستشراقية التي استوطنت بلاد المشرق عموما ، واتخذت شكلا منظماً في شبه القارة الهندية منذ أوائل هذا القرن ، فظهر في الهند وباكستان جماعة تنادي بعدم الاحتجاج بالسنة في الأمور التشريعية ،وسموا أنفسهم ( بأهل القرآن ) لاكتفائهم بأخذ الأحكام من القرآن وحده دون السنة).
ولمثل هؤلاء نقول : إذا كان القرآن الكريم هو أصل الشريعة الاسلامية ومصدرها الأول ، فإن السنة النبوية الكريمة هي المصدر الثاني من مصادر الأحكام الشرعية التي تستنبط منها الأحكام بعد القرآن الكريم ، فهي المبينة لمجمل القرآن ، المقيدة لمطلقه ، المخصصة لعامه ، وفيها أحكام تشريعية كثيرة مستقلة عن القرآن ، إذ السنة وحي من الله تعالى ، فإن الباحث إذا لم يجد فى القرآن الكريم الحكم الشرعي مما يريد معرفته من أحكام دينه ، لجأ الى السنة النبوية ، يبحث فيها عما يريد ، لقوله جل شأنه مخبرا بأنها من عنده تعالى ، وأن كلام هذا النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر وحيا من الله ؛ يقول تعالى : ( والنجم إذا هوى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ).
والسنة النبوية الكريمة في كل الأحوال مبينة للقرآن الكريم ، وموضحه لمبهمه ،وشارحة لآياته ، كما قال تعالى ( وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس مانزل اليهم ).
وفي السنة مزيد بيان للتوحيد والإيمان ، وأعداد الصلوات ومواقيتها ، ومقادير الزكوات وأنصبتها ، ومناسك الحج والعمرة ، وأحكام الصيام ، وكثير من المعاملات والأخلاق ، والآداب والسلوك التي وردت مجملة في القرآن الكريم ، فبينت كيفية أدائها السنة. وإذا كان الأمر كذلك :
فإن علينا أن نتمسك بالسنة النبوية كتمسكنا بالقرآن وأن نسير عليهما معاً.
ولانلتفت إلى مايكتبه بعض الكتاب على صفحاتهم الفيسبوكية من اكتفاءهم بالقرآن دون السنة ، وعند مناقشتهم في حكم مجمع عليه يقولون : أين دليله من القرآن ؟ ، وماعلم هؤلاء أنهم بهذا القول يحققون هدفاً من أهداف أعداء الإسلام في هدم مصدر من مصادره التشريعية ، ليسهل الإنقضاض على المصدر الأول بعد ذلك.
فلنحرص على ماصح من سنة نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وماصح وثبت من سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده ، ولو خالفنا من خالفنا من الناس.
( فلاوربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ).
وهذا هو نهج بلادنا ، بلاد الحرمين الشريفين ( المملكة العربية السعودية ) ولله الحمد ، با رك الله فيها وفي قيادتها.

وتقبل الله طاعتكم وأسعد جميع أوقاتكم .

أ.د. عبدالله عيضه المالكي

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button