العيادة البيئية الشاملة
لو طلب من أي شخص مدمن على استخدام أي منتج من مستحضرات التجميل أو العناية الشخصية مثل الشامبو أو الصابون أن ياكله او يشربه هل يستطيع ، نعم يستطيع ولكن فورآ سوف يذهب بِه الى المستشفى لإنقاذ حياته من حالة التسمم الذي حدثت له من هذا العمل . وللاسف يستعمل معظم الناس مستحضرات التجميل من دون تفكير، و الكثير منا يعتقد أن المعنيين بالصحية وسلامة المواطن متاكدة من سلامة المزائج الموجودة فيها لهذا لا نجد في اي منتج من منتجات المستحضرات التجميلية او العناية الشخصية اي علامات او ارشادات تحذيرية مثل علبة الدخان والذي توجد فيها تحذيرات بجميع الامراض القاتلة كالسرطان والقلب والامراض الصدرية الرئة والشرايين والأوردة وغيرها وتختم بالوفاة. لكنهم مخطئون، فالحكومات قلما تطلب تقارير صحية أو اختبارات لهذه المنتجات قبل بيعها في السوق. فنجد ان مستخدم المستحضرات التجميلية والعناية الشخصية يستعمل ما معدله 126 مادة كيميائية على بشرتهم يومياً، فهي تسبب مخاطر تتعلق بصحة الإنسان بشكل عام بداء بالحكة وانتهاء الي امراض مزمنة لا قدر الله. إن جلدنا نفّاذ، تبلغ سماكته نحو مليمترين، وهو غشاء مسامي حساس كثيراً للمواد الكيميائية السامة وغيرها من مواد حيوية كالبكتريا او الفطريات او الفيروسات والتي قد تنشاء من جراء سوء الاستخدام كانتهاء الصلاحية او التعرض عند الاستخدام الي ملوثات ومصادرها كثيرة ولكن الأغلب في مستحضرات التجميل تحتوي على مواد كيميائية ومواد حافظة تحتوي على البعض منها الزئبق وهو الذي يسبب تلف في الدماغ . لهذا ما نضعه على جلدنا يؤثر في صحتنا مثل تأثير ما نضعه في فمنا، وأحياناً أكثر.
لنأخذ احد الأمثلة لاحد هذه المستحضرات التجميلية فللوهلة الأولى، قد يبدو أن ماسكارا العيون ومعجون الحلاقة بعيدان كل البعد عن مشاكل الصحة والبيئة. حتى أغسطس 2005، عندما أظهرت دراسة في الولايات المتحدة أن ثمة علاقة بين ملدّنات تدعى فثالات ( عبارة عن مواد كيميائية ) وتخنث الأطفال الذكور، وجهت أصابع الاتهام إلى العطور. ولكن عندما عثر على مواد كيميائية إستروجينية تدعى بارابين في نسيج ورم ثديي بشري عام 2009، توجهت الشكوك إلى مزيلات الرائحة. وإذ تظهر الدراسات تكراراً لاختلالات هرمونية في الحياة المائية بسبب ملوثات شائعة لا تقتصر على مستحضرات التجميل كما ذكر سابقآ بتوجيه اصابع الاتهام الي ماسكارا العيون انما تشمل قائمة الاتهام منتجات العناية الشخصية شامبو لوشن مزيل العرق الكريمات بجميع انواعها وغيرها من هذه المستحضرات بالاضافة المستحضرات التجميلية التي تنتهي في مصارف المياه ومنها إلى الأنهار او الخزانات الجوفية الارضيّة فهناك نحو 10500 مادة كيميائية صناعية في منتجات العناية الشخصية، أي نحو ثُمن ( 1/8 ) المواد الكيميائية المسجلة للاستعمال عالمياً. ومنها مسرطنات ومبيدات ومواد سامة ومثبطة للغدد الصماء وملوِّثات. إنها مجمل الصناعة الكيميائية قد تمثل تواجدها في قارورة.
رغم هذه المخاطر فلا لزوم لاختبارات السلامة قبل البيع في السوق! هذه هي حقيقة صناعة منتجات العناية الشخصية، بل صناعة المواد الكيميائية في شكل عام.
الجميع يستعملونها، لذا التعرض واسع الانتشار، ومكثف بالنسبة إلى بعض الناس خاصة النساء بشكل عام تستخدم المستحضرات التجميلية وبشكل ادمان من لحظة الاستيقاظ من نوعها بسبب او بدون سبب لحين خلودها للنوم مرة اخرى لا يرى وجهها الحقيقي الا عند النوم ولكن طول النهار بوجه مزين بالاحمر والأخضر حتى لون البشرة الحقيقة له مستحضراته . وقد أظهر مسح أجرته “حملة مستحضرات التجميل المأمونة” في بريطانيا أن أكثر من ربع النساء وواحداً من كل 100 رجل يستعملون يومياً 15 منتجاً على الأقل. هذه التعرضات تثير أسئلة وتأكد الكثير من الدراسات حول المخاطر الصحية المحتملة.
مكونات مستحضرات التجميل لا تستقر على سطح الجلد، فهي مصممة لكي تخترق الجلد وبسهولة . وقد عثر العلماء على كثير منها في الأنسجة البشرية. وعندما ترشح عبر الجلد إلى أجسامنا، ينتهي كثير منها في الإفرازات البشرية. المتبقي على جلودنا من الخارج تدخل في مصرف حوض الاستحمام عندما نغسل شعرنا وأجسامنا أو ننظف وجوهنا لاي غرض أولها الوضواء للصلاة.
وقد وجدت مستويات عالية منها في بعض الأنهار والجداول، وربطت دراسات عالمية بين مكوناتها ذات التأثير الهرموني وتخنث الأسماك.
د. فهد عبدالكريم علي تركستاني
استاذ الكيمياء المشارك بجامعة ام القرى