منذ عدة أشهر اتخذت قرارًا حاسمًا بأن أغير طريقة تفكيري ونظرتي للحياة وأكون متفائلة و إيجابية فالمتفائل أسعد وأفضل صحة وأكثر نجاحا في عمله وحياته الشخصية من الشخص المتشائم. فهولا يرى الحياة بصورة وردية ولكنه يرى الأحداث والمشاكل مؤقتة والعقبات تحديات تدفعه لبذل المزيد من المجهود من أجل الوصول إلى هدفه, أما المتشائم فيتوقع الأسوأ دائما ويلوم نفسه على العقبات التي تواجهه ويعتقد أن مشاكله ستدوم للأبد , ويتوقف عن السعي وراء أهدافه ويركن لليأس سريعا. اقتنعت أن نظرتي القاتمة للحياة تسحب مني طاقة كبيرة وتعوقني عن تحقيق أهدافي, و لابد أن أغير عاداتي الفكرية و أتوقف عن تفسير الأحداث بصورة سلبية, و عن توقع الأمور السيئة والإعداد لها قبل أن تحدث.
أنه من الصعب علي الالتزام بهذا القرار .
كيف يمكن أن أكون إنسانة متفائلة عندما تزكم رائحة المجاري أنفي أو مشيت في الشوارع المهترئة ؟؟
كيف يمكن أن أكون إنسانة متفائلة وأنا أجد نفسي كلما حاولت التأقلم مع الأوضاع السيئة المحيطة بي أجدها تتدهور وتزداد سوءا بسرعة مخيفة ؟. لقد كشفت لي تجربتي مع التفاؤل أنه أصعب كثيرا من التشاؤم. التشاؤم أمر يمنعك من بذل المجهود أما التفاؤل لا يحتاج إلى عزيمة وإيمان وقدر كبير من الشجاعة, شجاعة حب الحياة بدون شروط حتى لو كانت لا تمنحك سوى الطعنات و الحلم أن المستحيل ممكن حتى لو لم يكن الممكن متاحا لك. و الإيمان بقدرتك على بناء مصيرك حتى لو عواصف الحياة هدمت كل ما بنيته. والنهوض بعد السقوط وتضميد جراحك سريعا و(الطبطبة) على روحك ومواصلة العمل بنفس الحماس.
ولكن التحلي بالتفاؤل يحتاج إلى إنسان يمتلك عزيمة مصنوعة من فولاذ وطاقة لا تنفذ و القوة الكافية لإعادة إشعال شمعته الداخلية مئات المرات كل يوم.
اكتشفت أنني لا امتلك هذه القوة, الصدمات لم تعد تقويني أو تستفزني لمواصلة الصراع بل صارت تقتل روحي القديمة وتزرع في نفسي اللامبالاة والتبلد. لقد طردت الحلم من قاموسي بعد أن صارت أقصى أحلامي هي أن أحصل على حقوقي الأساسية في الحياة, ولم أعد قادرة على التمسك بالحديث الايجابي بعد أن اكتشفت انه مجرد قصص جميلة خيالية أعزي بها نفسي وأتحايل بها على ألمي ولكن عقلي لا يصدقها.
تجربتي الفاشلة مع التفاؤل كان لها جانب إيجابي كشفت أنني لست متشائمة ولكني واقعية, فالواقعي عقلاني وحذر لا يخاطر بشيء لا يحتمل خسارته و يضع في حسابه كل الاحتمالات ويعد نفسه لمفاجآت القدر السيئة حتىيحمي نفسه من الصدمة حين حدوثها. ويعلم حدوده وإمكانياته ويدرك انه ليس مركز الكون وأن الحياة لا تدور حوله ولا تعبأ بأحلامه يجتهد ويسعى ليس من أجل الوصول إلى المستحيل ولكن من الحصول على المتاح. يعمل في صمت رغم علمه أن النتيجة لن تكون دائما في صالحه, يعمل إرضاءً لضميره وإثباتا لوجوده , لذا فأنا افتخر أنني واقعية.
ونعود لك عزيزي القارئ ماهي نظرتك للحياه