عوضه الدوسي

ثنائيات التصادم

على مر التاريخ يحدث تصادم بين المجتمعات في قضايا مختلفة ويحدث التصادم بمسميات وكيفيات متعددة,ومن المؤكد أن التصادم غالبا ما يكون سببه مندرجا تحت ثنائية (النافع والضار)وكل يقيس بمنظاره الشخصي الخاص وفق خبرته وكذا تطلعاته ,ولا يضع نفسه ضمن الدائرة المقابلة له حتى تتضح له الرؤية كما ينبغي  ويرى  المعاني الحقيقية سواء له أو عليه,أو ربما تنبثق بصائر على حقيقتها بعد إصغاء نظر وإعارة اهتمام لكل ما يطرح ويتداول, لكنه يظل في الزاوية المقابلة قابعا دون حراك ولا يتزحزح, وهنا يظهر بعدا آخر يراه  كلا الطرفين  آلا وهو شخصية  (الخصم) فكل طرف يرى في الآخر جهة خصومه, وعند محاولة تغييب الطرف الثالث بقصد وبغير قصد , الذي بدوره هو من يضع الموازنة بين الطرفين,ولكن غيابة أو تغييبه حال دون ذلك ,ولأن كل طرف يتمسك بآرائه على حساب الحق والآخر, فقد سعى الإنسان ومن فجر التاريخ لوضع وسيط محايد ,وعُرف بمسميات مختلفة حسب كل ثقافة وتقاليد حتى لا يذهب الجميع في صراع دائم بين ثنائية الخير والشر ,من هنا فان  ثنائية النافع والضار تتسع دائرتاهما وتتعدى نفعاً وضرراً, لأن كل عناء وجهد يبذله الإنسان هو لأجل نفع يُجلب أو ضرر يرد, وكل طرف لاشك يرى نفسه يدرج ضمن إطار النافع, وبالتالي كل طرف يدفع عنه ما يراه ضرراً ويحاول أن ينال ما يراه نفعاً فقط من منظاره الشخصي, وقد يقيس ذلك من وجهين الدنيا والأخرة اجتهادا منه فقط ,وكل فريق مؤمن بوجهته على أنه يسير نحو الخير ويتجه إليه , بل إن  كل طرف يرى تلك الأبعاد من زاوية النافع والخير المحض, في المقابل يرى الطرف الآخر من زاوية الضرر والشر المحض, ومن هنا يحث التصادم وتزداد المسافة بين الطرفين على اعتبار كل طرف يرى نفسه في دائرة الخير وبالتالي يرى رجحان كفته ويسعى قدما نحو المستقبل لإثبات ذلك ’ ومن وجهة نظري ولعها ظالمة أو حتى مخطئة يحدث ذلك لاعتبارات ذهنيه واجتهادات شخصية ليس إلا,فهو لا يستند على حق أو برهان ودليل وإنما لديه قناعات شخصية وفق تواردات ذهنية سوغت له الخيرأو ربما قد استقاها من خلال تأثيرالآخرين وبالتالي أحدثت عنده نوعا من القناعة  التي جاءت من خلال قوالب جاهزة دُفعت إليه لم يمحصها أو يدير عليها حوارات مع ذاته لمعرفة الصواب من الخطاء كثنائية ضمن بعدي التصادم المتنافرة اللذين لايلتقيان على الإطلاق وإلى الأبد, وهذا الرأي ومن وجهة نظري لا يجرنا إلى التعميم لأنه نموذج متعسف وللأسف نلمسه في واقعنا المعاش, لكنه بقلة وخصوصا إذا ما حاولنا جادين تغليب الجوانب المشرقة على سواها.

إننا إذا لم نقف طويلا وفي فسحة هادئة  للنظر بعين البصيرة والحكمة حول كل قضية لنبصر من خلالها كل الإبعاد,الثابت والمتحول,الواقف والمتحرك ,والفاعل واللافاعل ,الذيوع والخفاء, لتأتي بصائر من نور نطمأن لها جميعا و ندرك معها كل حقيقة والتي سوف تؤدي حتما إلى المبتغى والهدف وطالما أن المصلحة جماعية وينشدها الجميع فإنه من الواجب علينا أن ننطلق من مقولة إسداء المعروف ورد الجميل إلى أهله وإن تعثر ذلك فقد قال الله تعالى :

(فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر)

وهذا المرد سيجتث الخلاف من جذوره كونه مؤكدا لمقاصد الدين ويتجه إليه والى جوهره الناصع ,وخلاف ذلك فإن المسافة الحرجة ستزداد طولا وعرضا بين كل بعد وآخر وبالتالي بين كل الأطراف وسيظل هذا التنافر مستمرا دون نتائج أو مخرج منطقي عاقل ورشيد في أي قضية كانت.

عوضه بن علي الدوسي

ماجستير في الأدب والنقد

 

Related Articles

2 Comments

  1. موضوع رائع وقد استخدمت الدبلوماسية الهادئة ابا عبدالملك وذكاءك في عرض المسائل الشائكة وكيفية علاجها خصوصا في اوساط المجتمع السعودي …اهنئك على هذا الجهد الذي تسعى من خلاله الى تقريب وجهات النظر في ما اختلف حوله المجتمع خصوصا القرارات الأخيره التي نأمل ان تكون مصدر خير وبركه للشعب السعودي ذكور واناث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button