..
هل الإحباط صناعة ؟ تساؤل تجنح إجابته نحو نعم مع سبق الإصرار والترصد ! أقول ذلك وأنا أقف بين يدي معاناة لا أعلم من أين آتيها ، فكل ما فيها يفضي نحو : ما هكذا تكون المكافأة ، وما هكذا يكون التعامل مع من كَابدن المشقة والعناء ، حتى حصلن على مؤهلات عالية ( دكتوراه ، وماجستير ) ليس ذلك فحسب ، بل مشفوعة بمرتبة الشرف ، ثم ماذا ؟
لقد خرجن من واقع كانت تحفه الآمال والأحلام من كل جانب ، إلى صدمة واقع هن فيه لسن أكثر من ( متعاونات ) وبعقود سنوية ، ومع ذلك قَبلن بالأمر الواقع ، على أمل أن تتغير النظرة ، ويعاد النظر إليهن بعين الإكبار والتقدير ، وبما ينزلهن منزلتهن الأكاديمية ، فيتم ( تثبيتهن ) مهما كانت المعوقات ، التي ليست أكثر من جدار وهمي ، يتمثل في لائحة من صنعها ، هو من تحجج بها !
تثبيت متعاونات الجامعات لا يجب أن ينظر إليه بنظرة ( المنعم المتفضل ) ، بل هو حق مكتسب لهن ، ومع ذلك الحق هن أولى من كل هذا الكم من ( الوافدين ) ، الذين تعج بهم جامعاتنا ، في وقت يضع صناع القرار في جامعاتنا أمامهن من العقبات والتسويف وحقول ألغام ( الاستغناء ) ما الله به عليم !
إن بقاءهن ( متعاونات ) ولعدة سنوات ، رغم وجود أمر ملكي كريم ، يقضي بتثبيتهن ، ورغم ما أظهرنه من عطاء وجدارة ، لاشك في أنها هي من دفعت الجامعات للإبقاء عليهن كل هذه السنوات ، ولكن ليس على طريقة ( بخس ) الحقوق ! لذلك فإن بقاءهن على مجرد متعاونات يمثل صورة إقصاء ، وموطن ( ظلم ) ، هو هدر في حق ثروات ومقدرات الوطن قبل أن يكون هدر في حقهن .
فماذا يعني قيامهن بما يوكل إليهن من أعمال ؟! وفي ذات الوقت ليس لهن من عائد مادي عدا مكافأة يسيرة لا تتناسب ومؤهلاتهن ، وقد لا تأتي إلا ( بطلعة الروح ) ، فضلا عن أمر الاستغناء الذي قد يداهمهن دون أي مراعاة لتبعات ذلك عليهن !
لنصل إلى أن ( تثبيت ) متعاونات الجامعات يمثل مطلباً يجب أن تسخر له كل الأسباب ، وعلى الجامعات أن تتمثل مالها من ثقل في كيان هذا الوطن ، وأن تتماهى عملياً مع رؤية 2030 ، ولعل أصدق تعبير لها في ذلك أن (تستقطب) أبناء الوطن لا أن تقصيهم ، وأن تشرع الأبواب أمامهم لا أن توصدها ، كما هو حاصل اليوم مع متعاونات الجامعات ، ذلك الصوت الذي يبحث في أروقة جامعاتنا عمن تكون إجابته له : ( سمعنا وأطعنا ) ، ومرحباً بدل المرة مليون ، وفالهن أمر التثبيت .