..
انقضت انتخابات الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة، وأعلنت أسماء الفائزين بعضوية مجلس إداراتها، بعد منافسة فوضوية بين المرشحين استخدم فيها البعض ما يسمى بـ (لعبة الإنتخابات) حيث تسابق المرشحون لشراء أصوات الناخبين من خلال تجديد الاشتراكات، وإطلاق الوعود التي لن نرى منها وعدا منفذا على مدى السنوات الأربع القادمة.
وقبل الحديث عن الأسباب الرئيسية لبروز فوضى التنظيم التي اشتكى منها الناخبون، أقول إن وزارة التجارة والاستثمار نجحت وبقوة في إبعاد سيطرة أسر وشخصيات على الغرفة ومقوماته منذ عقود مضت، من خلال تحديد دورتين لكل مرشح لتجديد الدماء والنهوض بالغرفة لمستقبل أفضل، وإخراجها من الأسلوب التقليدي الذي عاشته.
غير أن هذه الخطوة لا تعني أن الوزارة نجحت وبشكل جدي في إخراج لائحة انتخابات خالية من العيوب، فأبرز عيوب اللائحة أنها لم تشترط على الناخب أن يكون منتسبا للغرفة ومجددا لاشتراكه بشكل سنوي منتظم، فأشتراط الانتساب للغرفة وتجديد الاشتراك خلال عام الإنتخاب، أفسح المجال للبعض من أصحاب المال لشراء أصوات الناخبين بتجديد اشتراكاتهم، وهؤلاء المنتسبون المؤقتون بعيدون كل البعد عن الغرفة، ولا يعرفون مقرها إلا كل أربع سنوات !
أما سوء التنظيم فحدث ولا حرج، فالأمانة العامة للغرفة لم تنجح الا في وضع “أبو كرش” لجذب الأنظار، وكنت أتمنى أن ينظر للنجاحات التي حققتها وزارة الحج والعمرة، والاستفادة من تجربتها، فقد نجحت الوزارة في تنظيم عملية الانتخابات لمجالس إدارات مؤسسات أرباب الطوافة، إذ لم تسمح لأي كائن من كان أن يعمل على التأثير على الناخبين أثناء توجههم لصناديق الاقتراع، وكان للوزارة حينها مراقبون متواجدون بمواقف السيارات والطرق المؤدية لصالة الاقتراع، ولم يستطع أي من المرشحين أن يستعين بأقاربه أو موظفيه أو أصدقائه للتأثير على الناخبين.
في حين رأينا أن التأثير على الناخبين في انتخابات الغرفة واضح ولم نر من يوقفه، فهناك مرشحون استعانوا بموظفيهم للتأثير وظهر هؤلاء الموظفون من السعوديين وغيرهم بشكل واضح في الطرق والممرات المؤدية لصالة الاقتراع، إضافة إلى تواجد بعض أعضاء مجلس الإدارة السابق بالممرات وجذبهم للناخبين للحديث معهم وتوصيتهم بترشيح هذا أو ذاك، وكان على مراقبي الانتخابات من ممثلي الوزارة منع مثل هذه الفوضى، وإخراج هؤلاء بالقوة.
ثم نأتي للحديث عن الثلث الثالث من أعضاء مجلس الإدارة، والذين سيتم تعيينهم من قبل وزير التجارة والاستثمار، وهنا أتوقف متسائلا من هم هؤلاء الأعضاء المعينون ؟
هل هم من المرشحين الذين لم يحصدوا أصواتا مرتفعة ؟
وهل ستدخل المرأة لعضوية مجلس الإدارة أسوة بنظيراتها في الغرف الأخرى ؟
أم ستبقى خارجها، لتكون غرفة مكة هي الغرفة الوحيدة المبعدة للعنصر النسائي ؟ وهل سيكون لتوصية رئيس مجلس الإدارة دور في اختيار العضو المعين كما حدث في الدورة السابقة ؟
وهل سيكون العضو المعين من الذين انسحبوا أو عضوا سابقا ولم يدخل الانتخابات ؟
وبعيدا عن كل هؤلاء، فثمة سؤال يطرح، أليس داعمو الشباب وبرامجهم التطوعية من رجال الأعمال المخلصين أحق بنيل عضوية مجلس الإدارة تقديرا وتكريما لمساهماتهم في خدمة المجتمع ؟
ولماذا لا تسعى الوزارة لتعيين مثل هؤلاء، وإبعاد أولئك الذين لا هدف لهم سوى البروز الإعلامي وتصدر المجالس ؟
0