..
ثمة حاجة قصوى في فضاء إعلامنا العربي إلى توجيهه الوجهة الصحيحة ,ومن ثم يرفع بروافع فكرية حكيمة واعية وراشدة ,تبعده عن مناخات الخلاف وحالات التشرذم والتشظي ,ولا تدفعه به إلى سياقات منفلتة نحو الشطط والنفور أو الاعتداءات المتخبطة الغاشمة والآثمة ,ولعل هذا الهم العربي يُعتنى به من قبل أصحاب الفكر النير والقول الرصين, مع حضور بالغ وقوي للنخب المستنيرة ذهناً وبصيرة وبرؤيتها الثاقبة في الساحة, ليتم من خلال ذلك توجيه الشعوب العربية إلى مرابع الألفة والمحبة والتآخي, وليمتد هذا الفكر على امتداد الساحة العربية طولا وعرضا , وذلك بما يخدم مصالحنا القومية وما يتوافق مع القيم الإنسانية الممتدة نحو التسامح والعطاء الإنساني من منطلق مبادئ الاستخلاف في الأرض كمنهج إسلامي يجب أن نسير عليه, ولعلة يكون مشروع إعلامي هادف في الظرف الآني المأزوم والمضي به قدما إلى مستقبل أفضل من ذي قبل , وذاك هو ما تتوق إلية الشعوب العربية وتتطلع إلى بواعثه وفاعليته ,وذلك من منطلقات القيم الإنسانية النبيلة وكذا محبي السلام والعيش المشترك دون الاشتغال نكايةً بالأخر, وفي هذا الصدد للمملكة دور قد شع ضوءه وسطع بريقه, وقد اتخذ خطوة واثقة وواثبة من خلال مبادرة سمو الأمير خالد الفيصل حيث تعد مبادرةٌ يشكر عليها تحمل مضامين وأهداف عُليا تصب في المصلحة العربية وأطلقت سنة 2000م من لبنان تزامناً مع احتفالية بيروت كعاصمة للثقافة العربية ,ودعاء سموه الكريم في خطابه آنذاك على أن تكون مبادرة تضامنية بين الفكر والمال تمخض عنها (مؤسسة الفكر العربي) والتي تسعى لتحقيق التضامن والى تعزيز الهوية , ما يعني أن المبادرة تعدت مفهوم النفط كما هو في التجاوزات المريضة في صحيفة الديار, وهذا التجاوز يعكس مشكلة حقيقية لنفوس مريضة لا ترى إلا ذاتها .
إن مثل هذه اللقاءات الفكرية الغير مباشرة في حوارنا الآن قد تزيل لوثة بعض العقول وربما تزيل حالات الغبش والإعتام التي دفعت الصحيفة ومحرريها إلى هذا الأسلوب المشين, فهي لا تدرك المصير المشترك بين الشعوب العربية فضلا عن الدور الريادي للمملكة ,فلا ضير أن تنطلق من الخيم كما تقولون ونشرف بذلك, طالما أن أفكارنا تحمل مفاهيم حضارية كما في رؤية مؤسسة الفكر العربي التي “جمعت بين الأصالة والمعاصرة وتقود الفكر العربي لانجاز مستقبلٍ واعد ينهض بالإنسان العربي ” أقول :عندما تطالعنا صحيفة عربية لتغرس في خاصرة الأمة خنجراً مسموم وتبدى في عناوينها الرئيسة ما يدفع إلى الانقسام والتناحر فان ذلك تقهقر إلى الوراء لاسيما تلك الصحيفة تتهجم على المملكة بتطاول سافر, نعم أن ذلك يظهر الوجه القبيح على حقيقته الذي يعكس حقد دفين بعد أن اندسَ خلف سُتُر العمالة ,هذا التطاول على الأقل من وجهة نظري انه طال كل العرب بما فيه الأخوة اللبنانيين أنفسهم ,ونحن نعول على هذا الإخاء كثيراً فلا يزال الشرفاء كثر في لنبان وفي كل أرجاء الوطن العربي , أما نحن في المملكة نعتز بالماضي العريق والذي شكل الجمل فيه عنواناً عريضاً في حياة إنسان الجزيرة العربية فمن خلال سفينة الصحراء عرفنا الصبر والتحمل ليس في أحلك الظروف فحسب, بل وحتى في حالات الغدر والمؤامرات البغيضة التي يحيكها البعض مِن مَنْ ارتموا في أحضان إيران, ولكن هيهات لهم لن تخرج لبنان من عروبتها بفعل قطعان العمالة ,وستظل في محيطها العربي وضمن سياقها الجغرافي والتاريخي, ودائما نتطلع إلى بناء الراهن والى استقرار المستقبل وازدهاره على أساس العيش المشترك واحترام الجوار وكذا سيادة الدول وكما ندعوا إلى التعايش بين جميع الطوائف خصوصا في لبنان, والإسلام يحفل بهذا الجانب ودولة الأندلس شاهدٌ غير بعيد ,فالتعايش هناك شكل حضارة ينهل من معينها العالم إلى يوم الناس هذا, ما يعني أن التعايش هو التزام وطني واجتماعي تتعمق من خلاله الصلات والمودة ويشيع الحب ويزدهر عطاء الإنسان وبالتالي تتشكل حضارته, وما دعوة البطريرك بشارة بطرس الراعي من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يحفظه الله إلا تجسيراً للصلات وربط عرى العلاقة بين الشعبين السعودي واللبناني نحو عطاء يخدم المنطقة وشعوبها أما الأبواق المستأجرة وعديمي الأدب فقد كفانا فيهم المتنبي حينما قال:
لو كل كلب عوى ألقمته حجراً0000 لأصبح الصخر مثقالاً بدينار ِ
ماجستير في الأدب والنقد