أحاولُ جاهدًا أُرتبني بصمت ..
الصمتُ الذي اتَّهَمَتُهُ الثرثرة بأنه كائنٌ لايشعرُ ولايتألمُ ولايبالي ولايهتمُ.
الصمتُ الذي جعلته الخيبةُ والانكسارُ يقولُ كُلَّ شيءٍ دونَ أنْ يتفوَّه بحرفٍ من أحرف الهجاء .
الصمتُ الذي نطقَ شعرًا سفَّهَ بهِ قوانينَ شيخِ القبيلة ، وعجزتْ عن ثورة جنونه دواوين العربيَّة .
الصمتُ الذي خانته الاعترافات ، وخذلته بالإقرار الصفحات.
الصمتُ الذي قال :
عيناكِ كُلُّ شيء،وينتهي إليهما كُلُّ شيء،والعافيةُ من دونهما لاشيء.
الصمتُ الذي تغنّى سِرًّا وجهارا؛أنَّكِ فاتنتي،فأنشبَ الحَيْفُ خنجرَ الرحيلِ؛ففاتتني وكأنَّنا لم نكن..
تنزف في ذاكرته سكك المدينة بأوجاعها التي حفرتْ آثار الخُطى ، وأضواء شوارعها بأحزانها المنغمسة في أطلال أفراحه المندرسة..
ذلكم الصمت وقلب الصامت الذي فيه كل شيء إلا لاشيء ، وفيه حسرة الكلمات التي أذلّها الإفصاح والانتظار القاتل حتّى صارَ البيانُ خطيئة .
بعض الكلام أشبه باستخراج شوكة من رزمة صوف
تقف الحروف غصة في حنجرة البوح .. وتتلاشى على شفاه الصمت، گ عزاء روح في ليلة صاخبة