لا شك أن القائمين على معرض الكتاب بجدة قد حرصوا هذا العام كما العام الذي مضى على تقديم تشكيلة منتخبة من الأنشطة المصاحبة للمعرض، وهذا أمر قد باح به برنامج المعرض وأخباره، ولا شك عندي أن القائمين عليه قد حرصوا أيضا على تمثيل كافة الأجناس الأدبية في تلك التشكيلة، وهذا ليس بغريب على تجربتهم الحافلة التي تراكمت على امتداد سنين عديدة مضت.
لكن كل ذلك الجهد المشكور لا يمنع من السؤال عن القصة القصيرة والقصيرة جدا وعن أمسياتها التي تضعها في مسار عادل جنبا إلى جنب مع الشعر والرسم والتمثيل وغيره، كأني لاحظت خلو الفعاليات المصاحبة للمعرض من مثل تلك الأمسيات وهذا أمر محزن جدا أن يغيب السرد عن احتفالية ثقافية كبرى تقوم على الكتاب، الكتاب الذي يقوم بدوره على السرد كما يقوم على الشعر.
مع ذلك لن أخفي عنكم أن أكثر الأمسيات القصصية التي تحدث هنا وهناك تضر بالسرد أكثر مما تنفعه، ذلك لأنها تقام غالبا بصورة جافة، قاص يقرأ بعض ما كتب من قصص، وكم أتمنى لو ابتكر منظمو تلك الأمسيات طرائق أخرى في تنفيذ تلك الأمسيات أدناها أن تقرأ القصة تحت ظلال المؤثرات المختلفة وأعلاها أن يتم بناء فعل بصري سمعي حركي يدور حول قصة أو حول قصص أو مجموعات منتخبة.
ما أروع أن يحتفي معرض الكتاب باستضافة مبدع قاص حقق في عام المعرض إنجازا محليا أو دوليا خاصة وعندنا وحولنا منافسات اعتلى منصاتها قصاصون هم من القصة على السنام، الأستاذة خديجة النمر وموقعها الطيب في مسابقة ملتقى القصة، الأستاذ جمعان الكرت وموقعه من جائزة الباحة للإبداع، الأستاذ محمد الراشدي وموقعه من جائزة عكاظ للسرد العربي، أولئك حري بالمعرض أن يحتفي بإنتاجهم السردي والله الموفق.