في ليلةٍ واحدة كأنها القيامة وكأنني ماتبقى من الإنسان في آخر إنسان ..
في ليلةٍ انطمس كُليًّا من مُحيَّا السماء ضحكة القمر ..
في ليلةٍ هي وجه الظلام الحالك ينكشفُ فيها القوي المكين أنَّه وبكلِّ بساطة بلاحولٍ ولاقوَّة ..
فَقَدَتْ أمَّها وفَقَدَ أباه ، وهكذا في لحظةٍ ما ينطفئُ كل شيء في العالم !
فمن شعلة عود ثقابٍ إلى قرص الشمس لاترى العينان شيئًا وقد ادلهمَّ السوادُ في القلب ..
أحدهما يبدو أنَّني عانقته ، لاأتذكَّر إن كنت فعلت ذلك أو هو فعل ذلك ، كل مايمكنني تذكره هو قبضة كفه تضربُ في ظهري وهو يردد : لم يحضنني سواك .
يقينًا أنَّ ماحدث هو ماكنت أحتاجه قبل سنوات عديدة تتجاوز العقد من الزمن ولم أجد حتى اللحظة من يفعل ذلك من تلقاء نفسه ..
ربما كانت العلة فيَّ فتهزمني الأنفة والكبرياء فأبدو معهما كالمنتصر وأنا غارقٌ في الهزيمة التي تظهرني كالأبطال الذين لايُكسرون ..
نعم أنا غارقٌ في الهزيمة أمام القدر .
كنتُ أحملُ الدواء في يدي وأمرِّغُ وجهي في بَرْدِ قدميها ولم أُفلح لاأنا ولا الدواء ..
كنتُ وحيدًا معها وها أنا ذا وحيدًا بدونها إلّا من التفاصيل ..
وهكذا تمضي الحياة ولايشعر بك أحد حتّى الذين ادَّعوا .
للفقد إحساس قاسي يهز البدن ويصهر أعمدة الروح .. احساس عميق لا تبلغُ مداه الصرخات .. سحيق لا تردمه طول الآهات .. ينحر فالقلب كل الأمنيات .. تجرحه برودة الضحكة وتطببه حرقة الدمعة