عندما يتعرض عضو مؤسس للأمم المتحدة لهجمات عدوانية مستمرة من عضو آخر عبر الحرب بالوكالة والطابور الخامس والخلايا النائمة، ماهي مسئولية المجتمع الدولي؟
لقد استهدفت بلدي المملكة العربية السعودية على مدى عقود من نظام الملالي على الضفة الأخرى من الخليج العربي بكافة أشكال التدخل في شئونها الداخلية ودعم المنشقين والإرهابيين داخلها وخارجها، وتنفيذ العمليات الإرهابية ضدها.
فمنذ ثورة الخميني عام ١٩٧٩م صاغت إيران دستورا ينص على تصدير الثورة الدينية إلى العالم، خاصة الدول المسلمة. والهدف هو تغيير مذهب هذه البلدان إلى الشيعية الجعفرية التي تتبع الولي الفقيه، نائب الإمام الغائب، خليفة المسلمين، في طهران.
وفي نفس الوقت عملت إيران على تحويل المرجعية الدينية لشيعة العالم لتتبع الولي الفقيه بدلا عن المرجعيات الشيعية العليا في نجف وكربلاء وبيروت، وتدفع لها خمس دخلها زكاة للمال، وليس للمرجعيات التقليدية. وفي المقابل فإن المرشد الأعلى الإيراني سيدعم ثورتهم على حكامهم، وسيطرتهم الحكم وصولا إلى ضم بلدانهم تحت ولاية الفقيه.
ولم تضع الثورة الإيرانية وقتا، ولم توفر جهدا، فقد أشعلت الفتن وثورت أتباعها في السعودية والبحرين والعراق ولبنان واليمن، وحتى أفغانستان شرقا ونيجيريا غربا. ونجح هؤلاء الأتباع في فتح الأبواب للتدخل الإيراني المباشر في العراق وسوريا ولبنان واليمن. ولازالوا في طور النشاط الحزبي والدعوي والتنظيمي في دول كالسودان ومصر وتركيا والجزائر والصومال وأندونيسيا. واستيقظت حكومات أدركت الأهداف الحقيقية لهذه الأنشطة واعتبرت بغيرها فأوقفتهم كما حدث في مصر والسودان وماليزيا وموريتانيا.
وفي بلادي، قام عبيد الولي الفقيه في المنطقة الشرقية بمظاهرات وأعمال تخريب استجابة لتوجيهات الخميني منذ العام ١٩٨٠م، ورفعوا شعارات تطالب بالانفصال عن السعودية، هدفها النهائي الانضمام إلى إيران. وحتى اليوم، لازالت إيران تدعم خلايا التخريب والتجسس والإرهاب وتدفعها لمهاجمة المقار الحكومية والأمنية والنفطية والسكنية، وقتل رجال الأمن. وفي الكويت والإمارات والبحرين تتكشف يوما بعد يوم مخططات إرهابية ومستودعات أسلحة ومتفجرات. ولم تسلم من هذا التعدي على مدى العقود الماضية إلا قطر وعمان!!
كما تعرضت بعثاتنا الدبلوماسية في العالم منذ الثمانينيات الميلادية لاعتداءات استهدفت دبلوماسينا من تركيا ولبنان إلى بنغلاديش والفلبين، وحتى أمريكا وإيران نفسها، ومنهم وزيرنا الشامخ، عادل الجبير، أثناء سفارته في واشنطون. ولايزال مجتمعنا وشبابنا مستهدفين بالتحريض والتسليح والمخدرات من عبيد إيران العرب، خاصة مايسمى ب“حزب الله“.
وخلال الأعوام الثلاث الماضية، تعرضت مدننا لمئات الصواريخ الإيرانية الصنع عبر عبيدها في اليمن. وسجلت تقارير عرضتها الولايات المتحدة وقدمتها الأمم المتحدة لمجلس الأمن خروقات إيران للقرارات الأممية الملزمة بشأن تصدير السلاح والدعم المادي للحوثيين.
لقد اتخذت حكومتنا كافة الإجراءات القانونية وسلكت كافة السبل النظامية لدى المنظمات الدولية المعنية من مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومجلس الأمن. وقد أبدت جميع هذه الجهات تعاطفها ودعمها لموقفنا و“قلقها“ من سلوكيات إيران وتجاوزاتها. ولكننا بعد أربعين عاما من التقاضي لازلنا كما كنا، بل إن الوضع أسوأ.
وعليه فإن الأسئلة التي تلح علينا منذ عقود هي: إلى أين نذهب من هنا؟ وكيف نحمي سيادتنا ومواطنينا ونحافظ على أمننا وسلامتنا؟ وماذا نفعل إذا كان العالم الذي تعهد بعد الحرب العالمية الثانية بمنع استنساخ ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية واليابان الاستعمارية يغازل اليوم إيران باتفاق نووي، ويعدها باستثمارات كبرى، ولا يرد على تهديداتها للسلم الدولي إلا بالتنديد والتوبيخ؟
هل نكتفي بحماية أنفسنا من هذه الاعتداءات بقدر ما نستطيع فحسب؟ وهل نواصل الثقة في دعم المنظمات الدولية؟ وهل نستمر في رفع الشكوى مرة بعد أخرى على أمل أن تأتي الاستجابة يوما؟
يبدو أن العالم ”الحر“ لن يتدخل إلا إذا قام عضو برفع السلاح دفاعا عن نفسه والرد على العدوان بمثله. وعليه، ربما علينا أن ننقل المعركة إلى قلب إيران، وإلى عبيدها في سوريا ولبنان، كما فعلنا في اليمن. فبالتأكيد لن ننتظر طويلا وصواريخ إيران تمطرنا ومصالحنا تتعرض للعدوان في الداخل والخارج. فإما أن تقوم شرطة العالم بمسئولياتها، أو نقوم بها نحن!