ما إن تمر في بعض أحياء مدينة جدة، خاصة حيث تكثر العماير إلا وترى بقايا أثاث قديم من أسرّة أو كنب أو جلسات عربية بجانب صناديق القمامة بعضها يأخذ أيام في نفس المكان قد تزيد عن أسبوع وربما أكثر، وأعتقد من تركها يظن أن هذه البقايا سوف تنكمش لوحدها ثم تدخل داخل صناديق القمامة تلك .. هذه البقايا من الأثاث والتي يدخل فيها الخشب والأسفنج والألواح المضغوطة من نشارة خشب وغيرها من المواد الشبيهة… هي مرتع دافئ لجميع المخلوقات غير الآدمية وبشكل خاص الجرذان… والتي أكاد أجزم أنه لا يوجد مكان في العالم به جرذان بهذا الحجم والشراسة من حيث جراءتها في مهاجمة القطط، والتي أضحت مستسلمة عندما يشاركها أي من هؤلاء الجرذان في وجبة داخل أو حول صناديق القمامة، ناهيك عن بسالتها في التنزه حول تلك الصناديق بكل ثقة في آخر الليل دون خوف.
والمشكلة عند النظر إليها، لها عدة أبعاد … أولها الإهمال التام من قبل الساكنين وكأنهم لا يسكنون المنطقة .. أو أن منزلهم خارج حدودها فمشكلتهم فقط التخلص من الأثاث القديم إما للتجديد أو لأسباب أخرى دون إدراك من أي أثر بيئي أو صحي سيئ قد يؤثر على الفرد والمجتمع وإن كان أقلها المنظر العام المزعج للنظر.
ثانيها ضعف التوعية من قبل الجهة المسؤولة في أمانة جدة حيال نشر الوعي فيما تقوم به تجاه تجميع هذه البقايا والطريقة والوقت، فالعامة في حاجة لمعرفة أوقات التجميع أو الآلية المعتمدة لذلك حتى لا تُترك تلك البقايا لعدة أيام قد تطول دون معرفة أحد …كما أنه بعد التجميع خاصة إذا ما تركت تلك البقايا لمدة ليست بالقصيرة وغمرتها النفايات أو المياه أصبحت هناك حاجة لتنظيف المنطقة وتطهيرها ببعض المطهرات الخاصة والمبيدات اللازمة لقتل القوارض والزواحف وما صاحبها من حشرات مثل القراد والذي قد يعيش على أجساد هؤلاء الجرذان، وياحبذا لو يتم عند التخلص من بقايا الأثاث النظر فيما يمكن تدويره وإعادة الاستفادة منه من حيث المواد الخام الموجوده فيه.
أما بالنسبة للجرذان فقد لا يكفي مقال كامل للتحدث عن الأمراض التى ممكن أن تنقلها للبشر سواء بشكل مباشر عن طريق العض أو عن طريق التعرض إلى فضلاتها الجافة أو عن طريق القراد الذي يعيش عليها …لذا فهناك حاجة شديدة وملحة أولا لعمل دراسة على هذه الجرذان لتصنيفها وتحديد نوعها واصولها وأماكن تواجدها وتكاثرها، فهي تكاد تكون متواجدة في جميع أحياء جدة وإن كانت تكثر في مناطق دون أخرى، منها أجزاء من الكورنيش ثم معرفة سلالتها ووضع آلية التخلص منها مثل إيقاف قدرتها على الإنجاب بتعقيم الذكور لمنع ظهور أجيال جديدة ثم ابادتها بشكل كامل ومتابعة خطوات الإبادة بشكل مستمر حتى لا تتكدس وتتعفن أو تترك للقطط لنهشها وذلك في مشروع مدروس ومحدد الأهداف والتاريخ ظاهر للعلن وبإشراف متخصصين حتى يتم الإعلان الفعلي من خلو جدة من جرذانها.
استشاري – أستاذ مكافحة العدوى المساعد -كلية الطب
– جامعة الباحة