أحمد حلبي

مدح الذات لكسب الأضواء

يحاول البعض أن يصور نفسه بالقنوع والمحسن الكبير والابن البار لمكة المكرمة، والخادم لها ولأبنائها، ليظهر أمام المجتمع بصورة تخالف صورته الحقيقية، فيتحدث عن ذاته وإصراره على الابتعاد عن الغرور، بينما الواقع يؤكد أنه من أكثر الناس بحثًا عن المديح والثناء، وأن محبته لمكة المكرمة ما هي إلا من باب الظهور وكسب الأضواء !
ولعل ما أشارت إليه الدراسات النفسية بأن مثل هذه الخطوات إنما هي نوع من النقص في النفس، فيريد الشخص تعويضها فلا يجد سوى مدح نفسه والحديث عن ذاته، ولهؤلاء أقول تذكروا قول الحق تبارك وتعالى: (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)، والعاقل الحكيم هو من يترك الآخرين يزكونه.
ويشير المتخصصون في الدراسات النفسية إلى أن أبرز أسباب الإعجاب بالنفس وتزكيتها قلّة الورع والتقوى، وضعف المراقبة لله عز وجل، والجهل فالجاهل هو من يعجب بنفسه إضافة إلى الافتتان بالدنيا.
وإن اتفق الدارسون للميول الشخصية أو اختلفوا فإنهم اتفقوا على أن أبرز صفات المتسلطين اعتقادهم معرفة جميع الإجابات مسبقًا، وأنه ليس ثمة أي داع للانتظار لمعرفه نتيجة الأحداث فيخدعون أنفسهم حينما يعتقدون أنهم حريصون على الآخرين ومهتمون بهم، بينما الوقائع والحقائق تؤكد أنهم عكس ذلك تمامًا.
والمغرور بذاته المعجب بنفسه الساعي لمدحها، لا يستغرب منه استخدام الأساليب السيئة لفرض سيطرته، مستخدمًا أسلوب التمويه، وهو ما يعني “القيام بأعمال تجعل الآخر يقتنع بمعلومات ليست صحيحة، أو بجزء من الحقيقة الكاملة، أو ما يعرف بنصف الحقيقة وهي من الطرق الدفاعية التي تستخدمها الكائنات الحية لحماية نفسها من الافتراس، وأحيانًا أخرى تكون طريقة من الطرق الهجومية التي تستخدمها الكائنات الحية لافتراس غيرها, وتكون إما بتغير اللون أو الشفافية كبعض الأسماك أو التكيف مع لون البيئة كالحرباء، وتسمى هذه الظاهرة أيضًا التنكّر أو التخفي عند الكائنات الحية في الطبيعة”.
وقد أظهرت دراسة كندية جديدة أن التفكير بالله يطمئن المؤمنين ويخفف من احتمال ارتكابهم الأخطاء المتعلقة بالقلق، غير أنه قد يزيد من إرباك الملحدين ويعرضهم للأخطاء.
وذكر موقع لايف ساينس أن الباحثين في جامعة تورنتو سكاربوروغ قاموا بقياس الموجات الدماغية المتعلقة بنوع معين من ردات الفعل القلقة عندما ارتكب المشاركون في اختبار أخطاء.
وظهر أن الأشخاص الذين استعدوا قبل الاختبار بأفكار دينية كانوا أقل عرضة لارتكاب الأخطاء مقارنة بالذين لم يستعدوا.
وقال معد الدراسة مايكل إنزليشت إن 85% من الناس لديهم نوع من المعتقدات الدينية. وأظهرت الدراسة أنه حين يفكر الناس بالله والدين، تكون ردة فعل أدمغتهم مختلفة مما يحدّ من احتمال ارتكابهم الأخطاء الناتجة عن القلق.
وقد كتب المشاركون كلمات تتعلق بالله قبل الاختبار، ثم قاس الباحثون نشاطهم الدماغي بينما كانوا يقومون باختبار على الحاسوب تم اختياره بدقة لاحتمال ارتكاب الكثير من الأخطاء فيه.
وظهر أنه حين يفكر الأشخاص المؤمنون بالله يتراجع النشاط الدماغي في منطقة معينة من الدماغ التي تنذر الإنسان حين يرتكب خطأ ما.
غير أن ردة فعل الملحد كانت مختلفة، فحين يفكر الناس بالله يمنحهم ذلك شعورًا بنظام معين في العالم وشرح الأحداث العشوائية مما يخفف شعورهم بالقلق، غير أن تفكير الملحد قد يتعارض مع المعتقد الذي يعتنقه وهو ما قد يسبب القلق ويدفع إلى ارتكاب المزيد من الأخطاء.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button