في ظل التطورات الإدارية التي تشهدها إجراءات العمل في الوزارات والقطاعات الخدمية ، بفضل ما حققته التقنية الإلكترونية من قفزات عالية في إنجاز المعاملات ، فقد استفاد المجتمع من هذه الحكومة الإلكترونية الفاعلة التي تقدم خدماتها بأعلى مستوى من المهارة والسرعة والإتقان .. ولكن الملاحظ أن هناك وزارة من أهم الوزارات المعنية بخدمات المجتمع ، وهي وزارة العدل ، هذه الوزارة بالرغم من أهميتها وضرورة مواكبتها للتطوير والتحديث ، إلا أن بعض منسوبيها من بعض القضاة مازال يعمل بالطريقة التقليدية والروتين العقيم ، ولم يستفد أو لم يرغب الاستفادة من التقنية الجديدة التي تساعده على إنجاز المعاملات بالشكل الملائم للحياة العصرية ، وسأضرب لكم مثالاً واحداً فقط على نوعية معينة من المعاملات ، مازالت تستغرق وقتاً كبيراً مبالغاً فيه لإنجازها ، وهي معاملات استخراج حجج الاستحكام من المحاكم الشرعية ، بالرغم من أن نظام الحجج مرعي بموجب مواد معلومة ومقننة لا مجال لاجتهاد القاضي فيها ، وماعلى القاضي إلا تطبيق تلك المواد والبدء في إجراءات استخراج الحجة ، ومع ذلك نرى تراكمات المعاملات الخاصة بالحجج فوق بعضها لعدة سنوات لم يُبت فيها ، لأن بعض القضاه مع شديد الأسف يعتبر استخراج الحجج عملاً ثانوياً ليس من صلب عمله ، فنجده يراكم طلبات الناس ويؤجلها من وقت لآخر دون سبب أو مبرر مقنع ، ومما يزيد الطين بلة ويسبب كثيراً من التراكمات لمعاملات الحجج ، أنها جرت العادة لدى كثير من القضاه بأنه ما أن يحل شهر شعبان من كل سنة حتى يتم تأجيل وإيقاف العمل نهائياً فيما يتعلق بالحجج حتى نهاية رمضان ، وبعد نهاية رمضان يتم تمديد التأجيل والإيقاف حتى ينتهي شهر الحج وتبدأ السنة الجديدة ، وعند بداية السنة الجديدة ، يتحججون بحاجة الموظفين إلى بعض الوقت من شهر إلى شهرين لترتيب اوراقهم ومعاملاتهم ، ومن ثم استئناف العمل بعد مضي شهرين أو أكثر من السنة الجديدة ، وبالتالي فإن المحصلة النهائية خلال العام لعدد أشهر العمل لإصدار الحجج يتراوح بين ثلاثة أشهر إلى خمسة أشهر فقط ، على ماينتابها من التأخيرات الطارئة والوقتية التنظيمية كما يقول دهاقنة الروتين من أولئك القضاه والموظفين !!
والنتيجة العامة تعطيل مصالح المواطنين والتحجير عليهم في إمكانية الانتفاع بأراضيهم والتصرف في أملاكهم التي آلت إليهم من قبل آبائهم وأجدادهم ولا ينقصها إلا إصدار الحجة ..
ولهذا نطمح من معالي وزير العدل توجيه المحاكم بسرعة البت في معاملات الحجج والاهتمام بها ، خصوصاً تلك المساحات الصغيرة التي لا تتجاوز بناء مسكن خاص لكل مواطن ، ومثلما الدولة أعزها الله تمنح القروض والفرص للمواطنين لبناء المساكن بشرط توفر الملكية بصك شرع ، فإن من واجب وزارة العدل تسهيل الحصول على الصكوك بالطرق النظامية السلسة والمرنة ، بعيداً عن التعقيدات والمماطلات ، وفق الله المخلصين لخدمة هذا الوطن ومواطنيه .
0