المقالات

ممثل صغير، فثعلب ماكر

بكل الاهتمام جلس المخرج مع الممثل ليعلمه كيف يتقن الدور ويعطيه التعليمات وعصارة خبرته حتى يخرج المشهد باحترافية، صعد الممثل على منصة العرض ليبدع في إتقان الدور، كاسبا تفاعل الجمهور معه مما جعلهم يذرفون الدمع على حاله ومأساته، هل تعلمون من هو المخرج ومن هو الممثل ؟!!

لم يكن الممثل سوى ذلك الطفل الصغير الذي لم يتجاوز الثامنة من العمر ولم يكن المخرج إلا ذلك الأب الذي حبك القصة وأخرجها بعناية ليمثلها ذلك الطفل في منصة مدرسته أمام الإخصائية الاجتماعية مدعيا أن خالته تعنفه وتحبسه مما جعل منه طفلا عدائيا، كل هذا فقط لأن الأب يكره تلك الخالة ويريد إبعادها عن حياته حتى لو بطرق سوداء ثعلبية؛ وذلك الطفل البريء الذي ينفذ ما أملاه عليه والده لأنه يعلم أن طاعة الوالد واجبة وعليه طاعته فما زال صغيرًا على التفريق بين الخطأ والصواب.

هل تعتقدون أنها مجرد قصة خيالية ؟! للأسف لا، فقد كثرت مثل هذه القصص في مجتمعاتنا، أصبح بعض الآباء والأمهات (بدون تعميم طبعا) يحرضون أبناءهم ويلقنونهم الكره لعائلاتهم من جد وجدة أو خالات أو أعمام بل وأحيانا لأمهاتهم.

أحيانًا ينتابني الذهول وأتسمر بمكاني حين أسمع تلك القصص، وتبدأ التساؤلات تنقر في رأسي مثل طائر نقار الخشب حين ينقر في جذع الشجرة، ماذا يستفيد من يفعل ذلك الفعل ؟! هل يعتقد بأنه بذلك سيكون ذو الكفة الأقوى ؟! ، أو أنه مجرد تملك للأولاد ؟! ، أو لينتقم من الطرف الآخر أيًا كان قربه أو صلته، ناسيا أو متناسيًا أو جاهلاً بما سيؤول له حال ذلك الطفل الذي تعلم الكره من صغره، بل وتعلم الكذب باحترافية وتمثيل الأدوار الثعلبية بمكر وخبث.

أين نحن من القدوة الحسنة التي يجب أن يكون عليها الآباء والأمهات ؟! أليسوا هم من لهُم دور كبير في تربيتنا التربية والتنشِئة الحَسنة، وتعليمنا كل ما هو صحيح ؟! كيف إذن يتحولوا إلى المفسدين الملقنين للكره والفساد للأخلاق ؟!

سيندم كل من يقوم بذلك الفعل غدًا حين يرى ابنه عبارة عن ثعلب ماكر يعرف كيف يخترع أقوى القصص في التهرب من خدمته، وسيتحول الكره الذي زرعه في ابنه إلى كره له؛ لأن الكره لا يولد إلا كرهاً

أيها الآباء والأمهات، رفقاً بأبنائكم، أنشئوهم على الحب والصدق، حتى تجدوا ذلك الحب ينمو ويكبر ليكسوا حياتكم بأزاهيره.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مقال جميل جدا يحكي واقع مجتمعنا في الوقت الراهن ..

    الحب والصدق والاخلاص والنيه الصادقه اين هي الان يجب علينا ان نستذكرها ونعمل بها ونغرسها في ابنائنا كي نعيش بسعادة وسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى