استكمالاً لما سبق، ومما يرتبط بتكاليف الزواج مسألة اختيار البيت المناسب وتأثيثه، وهذا باب آخر أرهق مقبلي الزواج من الشباب والشابات بداية في عدد الغرف التي يحتاجها العروسان مرورا بقيمة الإيجارات وصولاً إلى تكلفة التأثيث ذاتها. من الأساس، ما الذي يُحوِج العروسين لأخذ بيت تزيد غُرُفه عن الثلاث مثلاً ؟ كلما زاد عدد الغرف زاد الإيجار وتكاليف التأثيث ثم من بعدُ قِيم فواتير الكهرباء والماء ناهيك وقت وجُهد النظافة.
أعتقد أن ثقافة البيوت الكبيرة ذات الغرف الكثيرة أدخلت المجتمع في التزامات وتكاليف وأحدثت فيه تغييرات ما كانت لتكون لو بقيت العادات القديمة في سكن الأسرة الواحدة في البيت الواحد، ولعل شرط البيت المستقِلِ الذي استُحدث في التسعينيات الهجرية كان بداية التغيير. ثم جاءت الطفرة وأصبح كل واحد يسعى لامتلاك فيلا كبيرة وهكذا تباعدت الأسر، وازداد الحِمل، واحتجنا للخادمات في سلسلة من التغييرات المتعاقبة التي آمل – صادقا – أن يخلق ظرف البلاد الاقتصادي الراهن توجها نحو إعادة النظر فيها.
عودا إلى موضوع مقالنا، أذكر أنني دُعيت قبل فترة لمناسبة عقد قِرانٍ في أحد مساجد مكة المكرمة المشهورة حيث تفاجأت بعدد المدعوين الكبير، بعد انتهاء العقد الميمون وتبادل التهاني والتبريكات ثم تقديم القهوة وبعض الحلوى والعصائر، ثم انصرف الجمعُ المبارك داعين بالتوفيق للعروسين ليكمل خُلّص قرابة العروسين ليلتهم السعيدة مختتمينها بالعشاء. هذه الفكرة الجميلة مثالٌ لما يمكن أن يصبح عادة أتمنى أن تشيع في مجتمعنا إذ بها يُعلن النكاح ويفرح العروسان وأهلهما، ومن يحبهم من قرابات وأصدقاء دون تكلف مذموم أو تكاليف مرهقة.
أخيرا، أقترح على ميسوري الحال ممن وسع الله أرزاقهم أن يحييوا سنة الاقتصاد في الزيجات، وأن يُخصصوا ولو عُشر المبلغ الذي كان من المفترض صرفه في الزواج لدعم من يريد الزواج ولا يستطيع لضيق ذات يده فيكونوا بذلك قد نالوا أجرين وأحيوا سُنتين نبويتين عظيمتين.
انتهت خواطر الزيجات أدام الله الأفراح والليالي الملاح، للسلسة بقية فإلى اللقاء.
احسنت…