حسن شعيب

عبَق وحلوى القراءة في عُمان !

كل من يعلم بنيّتكَ لزيارة سلطنة عُمان الشقيقة يستحضرُ في أمنياته منك مباشرةً “لبان” صلالة الطبيعي في موطنه الأم عُمان ، ولا يغيبُ عن ذاكرة لسانه مذاق حلوى عُمان التراثية بأنواعها المتعدّدة ونكهاتها الغالب عليها الزعفران والبهارات الزكية من هيل وقرنفل وغيره .

ولكن لعمان هذه المرة طعم مختلف ونكهة ألذّ لا تختلف كثيراً عن ما تميّزت به من طيب الرائحة وحلاوةَ السكر وقد صادفَ زيارتي لها إقامة معْرضها الدولي للكتاب في نسخته الـ 23 بالعاصمة مسقط وفي مبنى جديد بالكليّة مخصص كأرض للمعارض والمؤتمرات اتسم بالفخامة والتنظيم الراقي .

كنتُ أحثّ خُطايا بتردّد عن الجديد الذي سوف أجدْهُ في معرض مسقط الدولي للكتاب بعد زياراتي المتكررة لمعرض ضخم في حجم الشارقة ! ولكنّي اكتشفتُ أن لكل دولة بصمتها الخاصة في معارضها وإن اقتصرتْ في تقديم ثقافتِها بأشكالها المتعدّدة وقدّمتْ رموزها بأبهى صورة لجمهور القراءة لكفاها !

ولكن المفاجأة كانت حجماً وشكلاً ومضموناً هذه المرة ؛ فالمعرض يحتلّ موقعاً كبيراً واسعاً في أرض للمعارض منظمة بشكل رائع ؛ فدُور النشر أخذتْ مواقعها مستريحةً بمساحات وافرة ، وفي الأطراف كانت قاعات مفتوحة على جمهور المعرض تحتوي الندوات الثقافية ومسرح الطفل وأجنحة المؤسسات الخيرية والاجتماعية ، إضافة إلى جناح ضيف الشرف الذي كان وفق عادة المنظمين يشمل في كل عامٍ إحدى محافظات السلطنة ، وكانت محافظة “صلالة” هي ضيف هذا العام 2018م .

أكثر من 700 دار نشر من شتى دول العالم كانتْ تأخذُ مواقعها في قاعات المعرض الضخمة الخمس ، ومما أعجبني في تنوّع الدور الذي شاهدتُه هناك ؛ أننا وبسبب خلافاتنا الجغرافية والفكرية قد حُرمْنا من الاطلاع على نتاج ثقافة بعْض الدول المطبوع ؛ ولكن هنا معظم من نختلف معهم حاضرون في صدْر ثقافةٍ تتّسع للجميع !

مَنْ يزُر بلداً لأول مرّةٍ ينبغي له أن يقطف من أينع ثمارها التي تميّزها عن غيرها بالمرور على معالمها الحضارية ومناهلها الثقافية ؛ ولأنّ الوقت قصير كان حصاد الثمار في أرض عُمان مقتصراً على ثقافتِها التي استوطنتْ أوراق الكتب التي كانتْ غنيمتي الكبرى في أرض المعرض ؛ فحرصتُ على اقتناء كتبٍ عن تاريخ عمان وأدبها شعرها ونثرها وتاريخ الطباعة فيها ومطابعها وبعض نتاج أدبائها باختصار .

تركتُ عمان قافلاً وما زالت حبالُ وصْلٍ تجمعُني بأهلها الطيبين وثقافتِها المتنوّعة ؛ فلم يزل من تعرّفتُ عليهم هناك – من عامة المجتمع – على تواصل بالرسائل عبر “الواتساب” رغم أن التعارف كان تبادل مصالح عبر مشاوير الطريق التي كان يقومُ عليها سائقو الأجرة من العمانيين حاملينَ معهم في كل رحلة زخماً من المعلومات عن معالم بلادهم الجميلة ينثرونها على آذان الراكبين دون طلب وكلهم فخر ومحبة لأرضهم التي احتوتْ آمالهم وآلامهم بكل ودّ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى