المقالات

تجنيس الوظائف مع وضد

ضجت وسائل التواصل الاجتماعي باللقاء الذي جرى على قناة روتانا خليجية ضمن برنامج ياهلا وجمع عضو مجلس الشورى الدكتور سامي زيدان والإعلامية منيرة المشخص. وفيه أوضحت الإعلامية منيرة المشخص رأيها بكل صراحة فيما يخص تجنيس الوظائف، وإن كان حماسها ودفاعها واندفاعها قد غيب بعض الحقائق، وإن كنت أعزو ذلك إلى غيرتها على الوطن والمواطن، إلا أن في مجمل التعليق الخاص بتجنيس الوظائف قد أبدت رأي فئة من المجتمع..

وفي نظري هو توجه خطير إن نفذ الآن. لا لشيء إلا لأنه يغير ويقلب التشكيلة المجتمعية المستقبلية. حيث إن عدد الوظائف الدنيا تزداد، وبالتالي الثقافة المجتمعية ستتغير مع الوقت ليس بالقريب، ولكنه أيضًا ليس بالبعيد.
نعم نحترم جميع الوظائف دون استثناء، ونعم نشجع على تجنيس الوظائف، ولكن السعودة للوظائف الدنيا والإجبار عليها لتصبح متاحة أكثر من غيرها يعتبر خطوة غير محسوبة بشكل جيد، فإن له عاقبة مجتمعية خطيرة لا ينظر لها الآن، ولكنها ستغير التكوين المجتمعي من حيث نظام الطبقات، والذي هو التقسيم الثلاثي الشائع للطبقات حيث إن مفهوم الطبقة الاجتماعية في يومنا هذا يعتمد على تقسيم المجتمع لثلاث طبقات، أولها الطبقة الغنية التي تملك مصدر القوة ورؤوس الأموال، وتسيطر على وسائل الإنتاج. والثانية الطبقة المتوسطة تتكون من الموظفين وأصحاب الأعمال الصغيرة. والأخيرة وهي الطبقة العاملة التي تعتمد على الأعمال ذات الأجر المنخفض، وغالبا ما تعاني هذه الطبقة من الفقر. على أن يكون السواد الأعظم في الدولة من الطبقة الثانية أي الطبقة المتوسطة ليتحقق التوازن المجتمعي والعدالة والحياة الكريمة للمواطنين.

إن من توجيه المواطنين لأعمال مثل النجارة، السباكة، الكهرباء وجعلها خطة لا بد أن تنفذ سيكون له أثار عديدة مثل:
1- ارتفاع أجور هذه الفئة مقارنة بأجور اصحاب الشهادات العليا؛ لنصل أن يكون دخل المهني العامل أعلى من دخل الطبيب. ولما لا فهم أصحاب أعمال حرة وهم من يقيم عمله ويضع التسعيرة.
2- لكل مهنة لغتها ومفاهيمها التي تنعكس على شخصية ممارسها، ولك أن تتخيل التغيير.
3- سيتحول المجتمع مع الوقت، من حيث التقسيم الطبقي، إلى فئتين الأولى الطبقة الغنية والثانية الطبقة الفقيرة وستقل مع الوقت الطبقة الوسطى، وبالتالي ستكون معاناة المواطن مالية بحتة لدرجة أن يتوجه لتوفير المادة بأي طريقة كانت دون وجود العامل الأخلاقي، ولنا في ذلك أمثلة لدى دول أخرى صديقة.
إن توطين الوظائف الدنيا قادم لا محالة، ولكن لا تجعلة الحل الأول وإنما اجعله ناتج للحلول الرئيسية، فتعاملك وطرحك له الآن هو حل مؤقت لمشكلة دائمة. وكان الأجدى النظر في عدة أمور وطرحها وإعداد دراسة عنها ووضعها حيز التنفيذ، ومن هذه الأمور ما يلي:
– إجبار المنظمات الخاصة على تطبيق السعودة بنسبة 100%. وأعتقد أن وزارة العمل تعمل على ذلك حاليًا رغم المقاومة الشديدة من أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة، والكبيرة. وبنظرة سريعة على سوق الوظائف نراه يضج بالإعلانات الوهمية، وبالمقابل معاناة المواطنين من البطالة.
– توحيد الإعلان عن الوظائف الشاغرة الخاصة بالمنظمات الكبيرة، ويدعو المنظمات الصغيرة والمتوسطة في حالها إلى أن تقف على أرجلها وتتحول لمنظمات كبيرة آخذين في الاعتبار أن أكل العنب يكون حبة حبة وليس مرة واحدة، على أن يكون توحيد الإعلان عن الوظائف في رصد الشاغر في كل منظمة كبيرة، وإعلانه، واستقطاب الكفاءات، وقد يكون تدريبها أيضًا بالتفاهم مع الجهات..
– الموازنة بين مخرجات التعليم واحتياج سوق العمل. فبدل من إغلاق تخصصات دون بيانات وإحصائيات معلنة، مثل ما حدث بإغلاق باب القبول في تخصص الطب لعدم حاجة المجتمع للتخصص، مع أن جميع المستشفيات الخاصة والعامة تزدحم بالأطباء غير السعوديين. وعند الاستفسار عن السبب يكون الرد لعدم وجود سعوديين في التخصص. فالمعلن يناقض الملموس.
– لماذا لا ينظر إلى التعليم الموجه، وبالتالي تعزيز تخصص طبي معين نظرا لحاجة المجتمع أو إداري أو تقني أو مهني … الخ..
– قياس حاجة سوق العمل آخذين في الاعتبار التطور العالمي في المسميات والتخصصات، وبالتالي يغلق تخصص لعدم الحاجة وفتح تخصص للحاجة له بنسبة معينة وتوضح النسبة لا تترك مجهولة.

– التشجيع على الشهادات العليا والدبلومات حسب حاجة الخطة التطويرية المعدة بناء على دراسات معينة كما ذكر سابقًا، لا أن تشجع على الدبلومات لحاجة مجتمعية غير مثبتة بالإحصائيات والبيانات، فاستمرار دبلومات التمريض والمختبرات، والأشعة وسط حاجة مجتمعية ملموسة لحملة البكالوريوس يعتبر إنذار خطير.
– النظر في تجسير حملة الدبلوم في التخصصات التي تحتاج فيها إلى حملة بكالوريوس على أن يكون التجسير لمن يستحق وسيضيف للمهنة وللمجتمع، وليس حل لترضية فئة من الشعب.

– إعادة النظر ودراسة رؤية المملكة 2030 بشكل جيد من قبل القائمين على التطبيق من وزارات ومجالس، ذلك أنهم مع شغفهم بتطبيقها فاتهم إن يتعمقوا في معانيها. فقد فهم الكثير منهم إن تمكين المرأة هو أن تعين الدكتورة أو البروفيسورة في المناصب القيادية، وتعين المرأة البسيطة أو حاملة البكالوريوس في وظائف المحلات التجاري بالإجبار. متغافلين عن أهمية منح السلطة للمناصب القيادية، المساندة، وكذلك التدريب فيما يخص الوظائف الصغرى والتثقيف. إضافة إلى تأسيس ترسيخ مبدأ المساورة في توطين الوظائف بحيث تكون مطروحة للرجال والنساء، وليس تخصيص وظائف نسائية وأخرى رجالية.
– الأهم من ذلك وضع برامج مشتركة بين كل من وزارة التجارة وزارة التعليم، وزارة العمل، والوزارات والهيئات ذات العلاقة لوضع حلقة عمل بما لدى هذا من بيانات؛ وذاك من مدخلات والآخر من عمليات لينتج منه مخرج مثالي أو شبه مثالي.

وأهم الحلول الشفافية من قبل مجلس الشورى فهو مجلس في نظرنا له وزن وثقل في الطرح و أن يكون النقاش من خلال مواضيع ترفع من قبل المواطنين للنظر فيها، يصوت عليها من قبل أعضاء المجلس بالبحث والدراسة، وتعلن المواضيع المقترحة من قبل المواطنين ونسبة التصويت عليها من قبل أعضاء مجلس الشورى. وإن حدث وكان هناك رأي معين مخالف أو مؤيد أو طارح لفكرة جديدة من خارج أعضاء مجلس الشورى لا مانع أن يستدعى من قبل مجلس الشورى ويناقش فيما يطرح ويستوضح منه الفكرة، وبالتالي يكون عمل المجلس جماعيا مترابطا مع المجتمع وليس منفصلا عنه.
دعونا نبدأ بتوظيف المواطنين في الوظائف العليا والمتوسطة واتركوا الوظائف الدنيا تأتي مع التغير السابق ولا تجعلوها أساسا للتوطين.

مستشار إداري بمكتب البيان للاستشارات الإدارية

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button