ندى منشي

وزير التعليم، إلى أين ؟!!

بصراحة لم أكن أعرف ماذا سأكتب اليوم، نزلت إلى مكتبي وبدأت بتصفح موقع “تويتر” لعلي أجد ضالتي، وإذا بي أصدم بوسم مستفز #المعلمون_لايستحقن_الإجازة، حدى بي فضولي لتصفحه، ويا لهول ما قرأت !! يقول وزير التعليم في تصريح له، ” إن المعلمون لا يستحقون إجازة 4 أشهر مشيرا إلى أن الإجازة الرسمية بحسب نظام الخدمة المدنية هي 36 يومًا لشاغلي الوظائف الإدارية، و45 يومًا لشاغلي الوظائف التعليمية فقط،أما الإجازة 3 أو 4 أشهر، فهي أكثر مما يستحقون “.

من خلال متابعاتي لتصريحات وزير التعليم على فترات- أعتقد- بأنه ومع كامل احترامي له يسير على النظرية الإدارية المعروفة (نظرية X)، والتي تفترض بأن الموظفين بطبيعتهم كسالى ويتجنبون العمل إذا ما في وسعهم ذلك. وهم غير طموحين ويتملصون من المسؤولية، وترى النظرية أن الحل يكمن في ممارسة الضغوط على الموظفين لتحويلهم من الإهمال إلى الإنجاز، وهذا يتطلب إدارة مسيطرة وبيئة عمل تسودها إجراءات صارمة، ويجب معاملتهم بعدم الثقة وإخضاعهم إلى نظم إشراف شاملة عن كثب باستخدام عناصر التحكم المتقدمة، دون وجود حوافز لأن ذلك سيفسدهم، ولكن التشدد والتحبيط سيجعلهم يعملون أكثر وبجد.

ولكني أعتقد أن وزيرنا لم يضطلع على واقع هذه النظرية في الممارسة الحديثة والتي أثبتت تأثيرها العكسي، بل إنه أغفل حاجة الموظفين بشكل عام في جميع القطاعات للتحفيز المستمر بجميع أنواعه حتى يؤدوا عملهم بحب وولاء.

وزيرنا يجلس في برجه العاجي مطلقا التصريحات المحبطة للمعلمين، لكن هل سأل نفسه مجرد سؤال بسيط ماذا يعاني منه هؤلاء المعلمين ؟ ماهي مشاكلهم ؟ ما هي الصعوبات التي يمرون بها لأداء مهمتهم على أكمل وجه ليخرجوا لنا جيلا واعدا مثقفا ؟!، ألم يعلم عن المعلمات اللواتي يقطعون الأميال ليصلوا إلى مدارسهم في طرق جبلية مليئة بالأخطار ؟! أو تلك المعلمات اللواتي يخرجن من بيوتهم عند أذان الفجر حتى يصلن بالموعد المحدد إلى مدارسهن في مناطق نائية ؟! أو المعلمون الذين يباشرون أعمالهم في ظل مرض الجرب المتفشي بالمدارس ولم يخافوا أو يطالبوا بتعويض أو بدل ؟!

قبل الحكم على المعلمين وأحقيتهم في الإجازة، وإطلاق التصريحات، لنقف قليلا في انتظار بعض الإجابات، ماذا عن المباني المتهالكة التي تفتقر لأدنى التجهيزات ؟ ماذا عن المعلمين وإدارات المدارس التي لم تجد الدعم وتصرف من جيوبها الخاصة ليستطيع الطلاب الدراسة في بيئة مناسبة ؟، ماذا عن تكدس الطلاب في المدارس والفصول مما أدى لظهور مرض الجرب وكان من الأسباب الرئيسية لتفشيه ؟

لا ألوم كل الغاضبين على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة عندما شاهدت مقطع الفيديو الذي يصرح به قبل تكليفه بوزارة التعليم عن المعلم بانه بلا مميزات ولا حوافز، فكيف به أن يبدع، ثم تغير كلامه فجأة ليصبح

#المعلمون_لايستحقن_الاجازة، ولوم المعلم دائماً واتهامه بالتقصير.

يا وزير التعليم، المعلمون يصنعون مستقبل الوطن، ويزرعون في عقول وقلوب أطفال وشباب الوطن العلم والفكر وحب الوطن .. فليس جزائهم منا التحبيط والاتهامات، تقدير المعلم، هو الخطوة الأولى لتعليم حقيقي ومثمر، وتحبيطه وكسره هي الخطوة الأولى لتعليم فاشل ومصير مدمر لأجيال.

باعتقادي أن هناك أزمة ثقة بين المعلمين وبين الوزارة وما يؤيد كلامي تلك التصريحات المحبطة واللهجة العدائية الاستفزازية للمعلم، والتي يجب إيقافها فورًا، وإلا سنجني ثمارها بما لا يحمد عقباه.

قال أمير الشعراء أحمد شوقي:

قُـم لِـلـمُـعَـلِّمِ وَفِّه التَبجيلا
كـادَ الـمُـعَـلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
أَعَـلِـمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَـبـنـي وَيُـنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا
سُـبـحـانَـكَ الـلَهُمَّ خَيرمُعَلِّمٍ
عَـلَّـمـتَ بِـالقَلَمِ القُرونَ الأولى
أَخـرَجـتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِه
وَهَـدَيـتَـهُ الـنـورَ المُبينَ سَبيلا
وَطَـبَـعـتَـهُ بِـيَـدِ المُعَلِّمِ تارَةً
صَـدِئَ الـحَـديدُ وَتارَةً مَصقولا‏

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. من لايشكر الأستاذ عبد الله الزهراني رئيس تحرير صحيفة مكة الالكترونية فقد أجحف بحقه كل الإجحاف ومتابعته والصحيفة لما يجري على كل الأصعدة تجعلني أقول له … الشمس لاتحجب بغربال. … دمت أ عبد الله وهذه الجهود وجزاك الله خير الجزاء ومن معك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com