استطاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد في جولته الخارجية الأخيرة التي بدأت بمصر ثم بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا وانتهت بإسبانيا، استطاع -يحفظه الله- أن يقدّم صورة ناصعة جميلة عن المملكة العربية السعودية من حيث سياساتها وتشريعاتها الجديدة التي تتعلق بالمرأة وحقوق الإنسان، وحقوق الشباب وغيرها من القفزات الجديدة لإرساء حياة ديموقراطية هادئة هانئة للمواطن والمقيم.
وكان بصحبته -يحفظه الله- ممحاة وقلم ومشروع !!
الممحاة مسح بها الصورة الذهنية القاتمة عن المملكة العربية السعودية، والخطاب الديني المتشدد، بينما خط بالقلم صورة ذهنية جديدة عن الوطن يميزها الاعتدال والتسامح ومعايشة الآخر.
أما المشروع فيهدف إلى تقديم السعودية والإسلام بصورة جديدة لم يتعود عليها الشعب الأمريكي ولا غيره من الشعوب الغربية، وقد لاقى قبولًا منقطع النظير لدى الشارع الأمريكي والأوساط الغربية المختلفة.
ما لفت نظري أن الصفقات الاقتصادية التي عقدت لم تقتصر على استيراد وتصدير المعدات والتجهيزات والنفط وإنما شملت التراث والآثار والثقافة والترفيه، الأمر الذي ظهر واضحًا جليًا أثناء زيارته لفرنسا وهذه نقلة نوعية للاقتصاد في المملكة الذي كان يعتمد في الماضي على تسويق السلعة الواحدة، أما الآن فهو يعتمد على تكريس العلاقة مع الدول الصديقة والدول العظمى، وترقيتها إلى علاقة متينة فيها قيمة مضافة، وليس علاقة روتينية اقتصادية مبنية على مواقف سياسية تتأثر بتغيرها.
وهناك توجه كبير لبناء شراكة اقتصادية قوية طويلة الأجل تكون فيها السعودية شريكًا اقتصاديًا فاعلًا وليس حليفًا استراتيجيًا فقط، شريكًا يوفر قيمة ويجب الاعتماد عليه والحفاظ عليه.
مشروع آخر كان بجعبة الأمير محمد بن سلمان، وقدّمه للعالم الذي كان يعتقد أن الشعب السعودي شعب بدوي بدائي يعتمد على آبار النفط !!
انتهت هذه المقولة، وانتهت هذه الفكرة ونحن الآن نقدم للعالم ما هو أغلى وما هو أثمن من النفط مشاريع الثقافة، ومدينة نيوم، ومدينة العلا، ومدينة القدية، وغيرها من المشاريع العملاقة، وأهم من ذلك كله نقدم للعالم الشباب والشابات السعوديين المؤهلين تأهيلًا جيدًا، فنرى أبناءنا في كل أنحاء العالم يحصلون على أعلى الشهادات في أفضل التخصصات، وهو المشروع الأهم الذي يؤسس له سمو ولي العهد ويرعاه بقوة.
أيضًا مما جناه سمو ولي العهد في جولته أن أصابع الاتهام التي كانت كلها موجهة للمملكة العربية السعودية بتهمة دعم الإرهاب، وتمويل الإرهاب، وتدويل الإرهاب إلى آخر هذه التهم المجهزة، تغيرت بعد هذه الزيارة الميمونة، وتحولت بوصلة تهمة الإرهاب إلى إيران، وأصبحت السعودية في واجهة العالم بأسره للعمل في مواجهة الإرهاب، والتحرر من الخطاب الديني المتشدد.
أما مايخص ترويج السعودية لنفسها ولرؤيتها 2030 أمام المجتمع الدولي، فهو حق مشروع لها، وهي تريد أن تكون عضوًا أساسيًا فاعلًا في المجتمع الدولي بأسره، وليس فقط في الدول العشرين كما كانت عليه في السابق.
وخلاصة القول إن سمو ولي العهد في جولته الأخيرة استطاع أن يختار الوجه الجديد الناصع الجميل لدولته القوية ولشعبه الوفي، كما استطاع بحنكته السياسية أن يهدم كل ما بني في سنوات من إشاعات مغرضة وتشويهات مقصودة ضد المملكة العربية السعودية وشعبها، كما استطاع أن يخاطب الشعوب الأمريكية والغربية بما يريد أن يعرفونه عن دولته بلغة بسيطة مباشرة بعيدةً عن البروتوكولات.