أتذكر قبل أربعين عاما تقريبا ذلك الرجل في حينا الذي لايتجاوز تعليمه الرابع الابتدائي. وبدايته المتواضعة في ممارسة التجارة. ويتميز بحبه الشديد في حث الناس على الصلاة جماعة. وخاصة فئة المراهقين والشباب. فكان سؤاله الدائم هل صليتم الفجر جماعة ؟ هل صليتم الظهر جماعة ؟ وهكذا بقية الفروض.. وكانت الإجابة الحاضرة نعم صلينا الفجر جماعة. بل كان يُؤكد في تساؤله على من لم يَصدُق في إجابته .. ماذا قرأ من سور الإمام في الركعة الأولى ؟ وماذا قرأ الإمام في الركعة الثانية ؟ وله استدلالات أخرى إذا كانت الصلاة سرية ! وأتذكر أيضا ومن الحماس في لعب الكرة قبل صلاة المغرب بلحظات كان المسمى الشهير لهدف الفوز وهو مايُسمى بهدف المغرب.. فيأتي هذا الرجل الناصح ويسحب الكرة من بين الأقدام .. بقوله : الصلاة..الصلاة.. وبعد أداءها يعيدها لمكان اللعب مرة أخرى.
وهذا كان المُتبع ليس في حي واحد فقط بل في جميع الأحياء المكية. ويتجاوز هذا الأمر إلى جميع مدن وقرى الوطن المبارك. حتى أن مثل هؤلاء الفضلاء لهم سلطة مطلقة في الحي، أولقرية وبموافقة جماعية من أولياء الأمور ولم يكن بمستغرب أبدا. وهذه سمة العهد الماضي الجميل . فالمطوع يُربي، والجار يربي، والمعلم يربي، والعمدة يربي، والجميع يشتركون في التربية والأدب؛ للوصول للغاية المنشودة وهي : الخلق النبيل. فلم نعرف أنهم كانو على تيار معين أو جماعة معينة .. ولا نعلم كيف يدعي البعض بوجود تأثيرات سلبية من أشخاص آخرين من أصحاب فكر مختلف. ولكن نستطيع أن نقول أنها ثقافة مجتمع. وإن كان يوجد قلة قليلة اتخذت التشدد أو غيره .. طريقة في حث المصلين على الصلاة فهذا غير غريب فلكل قاعدة شواذ . وفي الآخر لايبقى إلا ماينفع الناس .
إن على كل من تمكن من الكتابة بالقلم في مختلف وسائل الإعلام.. أن يتحرى الدقة والمصداقية في كل كلماته. فهو بلاشك المسؤول الأول والأخير عن كل حرف يكتبه. وأن يضع نصب عينيه قول الله تعالى ” ومايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ” نعم قد يُخطئ الكاتب في معلومة يحتاج الوقوف على أبعادها. ومن باب عدم الاطلاع الجيد، أو نقص البيانات اللازمة..تكُتب مقالة مخالفة للواقع فهنا لابد أن يعتذرالكاتب بشجاعة للشخص أو الجهة لمقصودة. ولكن أن يُكتب انطباع شخصي عن مجتمع بأكمله. فهذا يعني حقيقة البعد تماما عن الموضوعية والعدالة. فمهما يكن من تصرف خاطئ من شخص أو جماعة معينة لايعني بالضرورة اتباع الجميع هذا المسلك وهذا السلوك. عموماً أداء صلاة الفجر جماعة أو غيرها من الصلوات المفروضة هي فطرة الله تعالى – ولله الحمد- في هذه البلاد الطاهرة في كل زمانْ والله لا يغير علينا .