إن الإنسان رقمٌ صعبٌ ومهمٌ في معادلة الأمن والاستقرار والمواطنة الحقّة, فضلاً عن الجوانب الأخرى الاقتصادية والتنموية من خلال استثمار الإنسان بعقلية منفتحة مستنيرة تتطلع إلى النفع والخير للإنسانية جمعاء؛ ولهذا سعى مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية بخطى حثيثةٍ نحو تعزيز ذلك المفهوم, بعد أن أدرك بوعي تام الظروف المحيطة والمتلاطمة من كل جانب, سواء كان ذلك من المحيط الإقليمي أو التأثير على الشباب من خلال المواقع الإلكترونية، وقد عمل المركز بوتيرة منتظمة ومتسارعة, وجاهد أساليب الرفض, وطرائق التعنَّت والتصلب, ويباس البعض والاستجابة للنصح والإرشاد من خلال ثُلّة من العلماء والدعاة والوعاظ, بل وحتّى الأكاديميين والتربويين والمتخصصين ممّن تسلّحوا بالمعرفة حتَّى اتّضح جليّاً لتلك الفئة غواية الطريق والبعد عن مساره الصحيح.
فغدا ذلك الصرح -أعني المركز- يركز على أهم نواة في المجتمع, وهو الأمن كمستقبل للوطن, إلى جانب دور الإنسان السعودي فيه تجاه وطنه وأمته, الذي بات يستهدفه من خلال بعدين:
البعد الأول: البعد الفكري.
البعد الثاني: البعد الإنساني.
ومن هنا يقوم مركز الأمير محمد بن نايف بدور حيوي ومهم في مكافحة الغلو التطرف, وقد نجح في هذا الاتجاه حتى غدا منارة أمنية يشار إليه بالبنان من قبل دول متقدمة, وقد سعت تلك الدول إلى أخذ منهاجه وطرقه في المعالجات الأمنية التي سار عليها طوال السنوات الماضية.
إن مركز الأمير محمد بن نايف أسس على دعائم ومرتكزات قوية ومهمة, تنطلق من المبادئ والقيم الإسلامية التي تدعو إلى الوسطية والاعتدال واحترام الآخر أيًّا كان من خلال قبوله والتحاور معه. ودعا إلى ذلك من خلال مبادئ التكريم التي حثّ عليها القرآن الكريم (ولقد كرمنا بني آدم). وهذا التكريم يطال جميع البشر فضلًا عن المسلمين من أبناء جلدتنا, وقد انطلق المركز بذلك من خلال اتجاهين:
الاتجاه الأول: المناصحة
الاتجاه الثاني: الرعاية
ومن هنا يجب أن نقف لمعرفة كلا المصطلحين, وبواعث دلالتيهما, فالمركز اتخذ هذين المصطلحين إطارًا عامًا بنى عليهما كل توجهاته, الأمر الذي تطلب منهم تعريف كل مصطلح مع توضيح الأهداف في كل أطروحاته ولقاءاته. إلى جانب ما يعنيه ذلك كلفته أكاديمية في التقديم والتأخير لمسمى المركز, وهو الآخر ذو مغزى له دلالته واعتباره؛ الأمر الذي يتجلى فيه عنوان هذا المقال فكر وإنسانية.
فمن يلتفت إلى ذلك بعين العقل والنظر الفاحص؛ فإنه يدرك أمر التقديم والتأخير للمصطلحين بمعنى أن هناك اهتمامًا بالغًا لعقلية الإنسان, وجاء النصح في الأول ليرشد ويوجه, ثم يأتي بعد ذلك الجانب الإنساني وهو المتعلق بالرعاية؛ رعاية ذلك الإنسان ومحيطه؛ حتى أصبحت رعاية متعدية إلى الأسرة ونفع من حوله, وفي هذا اعتبارات متعددة قد يطول الشرح فيها.
الجدير بالذكر أن الوقع والأثر في تقديم النصح على الرعاية له أثرٌ بالغٌ في النفس للوهلة الأولى لكل متلقٍ. فكم ترتاح معه النفس ويهدأ له البال, ولاشك أن ذلك يهدف إلى توثيق عرى العلاقة بين الطرفين الناصح و المنصوح, ومن ثمّ يقود إلى تعزيز مفهوم العلاقة الإنسانية على مبدأ (كلكم لأدم ). والرجوع إلى الأصل يدعو إلى التأمل والوقوف على قدم المساواة مع الجميع, وهي لحظة بدء حوار من خلال العقل والوعي بالإنسان والكون وملكوت الله وعظمته وقدرته, فهو الذي خلق هذا الكون بكل أبعاده ومتغيراته, خلق الأرض بما فيها, ومن هذا المنطلق آخذ المركز جانب الحوار ومكافحة الفكر بالفكر, وشُحذت الهمم من خلال مقولات وطنيه نادت بصوت عال ومجلجل (وطنا لا نحميه لا نستحق العيش فيه)؛ أملًا في تضافر الجهود ومضاعفة الجهد الإعلامي، والقيام بعمل يوازي ذلك الجهد المبذول في الاتجاه الأمني والفكري من قبل كل المؤسسات المختلفة الإعلامية, والدعوية, والتربوية, وغيرها, وبمعنى آخر يتضح أن اللغة واللفظ والأسلوب والطريقة هي التي سوف توصلنا إلى الهدف والغاية؛ لأن لا مجال لفهم الواقع بكل تجلياته بعيدًا عن لغة العقل السليم والفكر النيّر, لاسيما لغة اللين واللطف على قاعدة (ولو كنت فضّا غليظ القلب لانفضُّوا من حولك)؛ ولهذا وعى المركز ذلك. والمصطلحان منتقاة بعناية, ويهدف كل ذلك إلى استمالة ذلك الإنسان بوعي من العقل الذي اعتراه نوعٌ من الفكر المنحرف والدخيل على مجتمعاتنا؛ مما أدَّى به إلى النفور والشطط والخروج عن دائرة النفع والصلاح الذي كاد أن يجرف معه كل خير, مع أن النداءات تتعالى من أول فجر الإسلام (كنتم خيرَ أمَّة).
جماع القول:
من هم القادرون على البناء والتشييد الفكري, وتأسيس استقرار نفسي عميق في صفوف الشباب والمجتمع يدور في فلك تلك الخيرية ؟
نحن جميعًا .. إذًا علينا أن نعمل معًا بساعد واحد من أجل الدين والإنسان والوطن.
ماجستير في الأدب والنقد