كانت رحلة تاريخية بالنسبة لي! وكنت سأقول كما قال أرمسترونغ عندما وضع قدمه على سطح القمر: “خطوة صغيرة بالنسبة لإنسان .. قفزة عملاقة للبشرية.”
ولكن ما حدث لم يكن هبوطا على المريخ، ولكنه لمن انتظروا وحلموا عقودا فإن رحلة القطار إلى المدينة المنورة تبدو كذلك. لحسن الحظ، كنت من بين بضع مئات من المدعوين لاختبار القطار الكهربائي السريع من مدينة الملك عبد الله الاقتصادية إلى مدينة الرسول صلوات الله وسلامه عليه. وقد انضم آخرون في رحلة أسبق إلى الأمير فيصل بن سلمان، أمير منطقة المدينة المنورة، في رحلة أطول بين مدينتي مكة المكرمة والمدينة، عبر محطة جدة التي لم تجهز بعد لأسباب أجهلها! ومن جدة، قاد رحلة ثالثة أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير خالد الفيصل.
لقد كانت تجربة رائعة للمشاركين. لم تكن هذه المرة الأولى التي نسافر فيها على قطار سريع. كثيرون، بما فيهم كاتب السطور، استمتعوا بهذه التجربة، لكن ليس في بلادنا. كانت آخر مرة أقوم بها في العام الماضي بين فيينا وباريس.
القطارات ليست جديدة على المملكة، فقد أنشأت أول شبكة خطوط حديدية منذ حوالي سبعين عاما، عندما طلب المؤسس الملك عبد العزيز من شركة النفط أرامكو بناء خط يربط ميناء الدمام بالعاصمة، الرياض. كانت لدى صقر الجزيرة، رحمه الله، رؤية متقدمة لبلد مترامي الأطراف أن يرتبط ارتباطًا شاملا من الساحل إلى الساحل، ومن الشمال إلى الجنوب، عبر شبكة واسعة من الطرق والسكك الحديدية، بالإضافة إلى الجو. كان هذا أمرًا حيويًا لبرنامج التطوير للمملكة العربية السعودية المولودة حديثًا.
وبعد مرور سبعين عاما، اكتملت الرؤية إلى حد كبير مع 28 مطارًا و50 ألف كيلومتر من الطرق و1500 كيلومترا من السكك الحديدية. وبعد بضعة أسابيع من الآن، وللمرة الأولى في التاريخ، سترتبط أطهر بقاع الأرض وأقدس مدنها بسكة حديدية طولها 500 كيلومتر، عبر قطار بسرعة 300 كم / ساعة. وسيتمكن الملايين من الحجاج من القيام برحلة تستغرق 5 ساعات بالحافلة خلال ساعة وبضع الساعة. هذا بالإضافة إلى القطارات الخفيفة التي تم تشغيلها في المشاعر المقدسة، وأكثر من 100 كم من القطارات والمترو تحت الإنشاء.
في الرياض، مقرر لمنظومة الترام والمترو والحافلات الأكثر اتساعًا أن تبدأ العمل عام 2019. ويبلغ طول “مترو الرياض” 176 كم ويتضمن 85 محطة. يتكامل مع شبكة حافلات سريعة بطول 1083 كم، تخدم 776 محطة.
وتم تصميم مشروع مماثل لمدينة جدة لعدة خطوط على مدار خمس سنوات من شأنها رفع حصة النقل العام إلى 30 بالمئة، من 1 إلى 2 بالمائة حاليا. ويشمل المشروع ثلاثة خطوط مترو، المسار الأول بطول 67 كم يمر ب22 محطة، والخط الثاني بطول 24 كم سيخدم 17 محطة، في حين أن الخط الثالث البالغ طوله 17 كيلومترا يمر بسبع محطات. ويتكامل المشروع مع نظام النقل العام الذي يتضمن 816 خط حافلة تخدم إلى 2,950 محطة، إضافة إلى التاكسي البحري والتليفريك.
مدن أخرى ستتبع، بإذن الله. فمن المقرر أن تربط السكك الحديدية الرياض بميناء جدة ومدينتي الطائف وخميس مشيط. وتشمل الخطط المستقبلية خطا من جدة إلى جازان. فيما تعمل حاليا معظم أجزاء شبكة السكك الحديدية التي تربط بين الرياض والدمام ببريدة وحائل والمدن الشمالية القريبة من الحدود الأردنية والعراقية، مؤمل اتصالها بالشبكات في البلدان المجاورة.
وأهم الشبكات الدولية، خط سكة حديد الخليج بطول 2,177 كلم، يربط الدول الست في مجلس التعاون الخليجي. ومن المتوقع أن اكتمال مراحل المشروع الذي يكلف 250 مليار دولار بحلول عام 2021 على أن تعمل كل مرحلة على حدة، فور انتهائها، وأقربها موعدا شبكة السعودية-الإمارات. يضاف إلى ذلك مشروع خط أنبوبي يربط الرياض بدبي بسرعة الضوء وخلال أقل من ساعة.
كل دولة من الدول الست مسؤولة عن تنفيذ جانب المشروع على أراضيها، حيث تقوم ببناء خطوط السكك الحديدية الخاصة بها وفروعها ومحطاتها ومحطات الشحن الخاصة بها. وستتقاسم البلدان الستة التكلفة بالتناسب مع طول شبكة السكك الحديدية في كل بلد. ونتيجة لذلك، ستنفق الإمارات والسعودية أكثر على المشروع، تليها عمان وقطر والكويت والبحرين.
ثم من يدري؟ اليمن مرشح جيد للانضمام الى الشبكة بعد استقرار أحواله، وكذلك مصر وسوريا وتركيا، ومنها إلى أوروبا وروسيا. فيما ترتبط الشبكة الخليجية بطريق الحرير مرورا بباكستان ووصولا إلى الصين.
النقل العام الفعال هو أحد أركان الرؤية السعودية 2030. فنحن بحاجة لتوفير أكبر في استهلاك الطاقة، وحماية أعلى للبيئة، كما أن الحاجة ماسة إلى وسائل نقل أجدى، وأكفأ. مرحبًا ألف بعصر القطار السعودي!
قطار المشاعر المقدسه وقطار الحرمين الشريفين واول الغيث فطره للشبكه المحليه والخليجيه ومن ثم الدوليه لشبكة السكك الحديديه إن شاءالله